وانتقالها ، ولا يجيزون على ضوئها بيع المنافع والحقوق ، غير انّ تطور الحياة وظهور حقوق جديدة في المجتمع الإنساني ورواج بيعها وشرائها ، حدا بالفقهاء إلى إعادة النظر في حقيقة البيع ، فجوّزوا بيع الامتيازات والحقوق عامة.
٢. أفتى القدماء بأنّ الإنسان يملك المعدن المركوز في أرضه تبعاً لها دون أيّ قيد أو شرط ، وكان الداعي من وراء تلك الفتوى هو بساطة الوسائل المستخدمة لذلك ، ولم يكن بمقدور الإنسان الانتفاع إلّا بمقدار ما يعدّ تبعاً لأرضه ، ولكن مع تقدم الوسائل المستخدمة للاستخراج ، استطاع أن يتسلط على أوسع مما يُعد تبعاً لأرضه ، فعلى ضوئه لا مجال للإفتاء بأنّ صاحب الأرض يملك المعدن المركوز تبعاً لأرضه بلا قيد أو شرط ، بل يحدد بما يعد تبعاً لها ، وأمّا الخارج عنها فهو إمّا من الأنفال أو من المباحات العامّة التي يتوقف تملّكها على إجازة الإمام. وليست هذه النظرة الجديدة مختصة بالفقه بل تعم أكثر العلوم.
الخامس : تأثيرهما في تعيين الأساليب
إنّ هناك أحكاماً شرعية لم يحدّد الشارع أساليبها بل تركها مطلقة كي يختار منها في كلّ زمان ما هو أصلح في التنظيم نتاجاً وأنجع في التقويم علاجاً ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :
١. الدفاع عن بيضة الإسلام قانون ثابت لا يتغير ولكن الأساليب المتخذة لتنفيذ هذا القانون موكولة إلى مقتضيات الزمان التي تتغيّر بتغيّره ، ولكن في إطار القوانين العامة فليس هناك في الإسلام أصل ثابت إلّا أمر واحد ، وهو قوله سبحانه : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (١).
وأمّا غيرها فكلّها أساليب لهذا القانون تتغيّر حسب تغيّر الزمان.
__________________
(١). الأنفال : ٦٠.