يلاحظ عليه بأنّ استخدام الرأي فيما فيه نص ، أمر خاطئ ، ولو صحّ استخدامه فإنّما هو فيما لا نصّ فيه من كتاب أو سنّة ، ولمّا كان ذلك يمسّ كرامة الخليفة جاء الآخرون يبرّرون عمله بتغيّر الأحكام ، بالمصالح والمفاسد ، ومن المتحمّسين لهذا الموضوع هو ابن القيم فقال : لمّا رأى عمر بن الخطاب انّ مفسدة تتابع النص في إيقاع الطلاق لا تندفع إلّا بإمضائها على الناس ، ورأى مصلحة الإمضاء أقوى من مفسدة الإيقاع ، أمضى عمل الناس وجعل الطلاق ثلاثاً ثلاثاً. (١)
يلاحظ عليه : أنّ إبطال الشريعة أمر محرّم لا يستباح بأي عنوان ، فلا يصحّ لنا تغيير الشريعة بالمعايير الاجتماعية من الصلاح والفساد ، وأمّا مفسدة تتابع النص في إيقاع الطلاق الثلاث فيجب أن تدفع عن طريق آخر لا عن طريق إمضاء ما ليس بمشروع مشروعاً.
والعجب انّ ابن القيم التفت إلى ذلك وقال : كان أسهل من ذلك (تصويب الطلقات ثلاثاً) أن يمنع الناس من إيقاع الثلاث ، ويحرّمه عليهم ، ويعاقب بالضرب والتأديب من فعله لئلّا يقع المحذور الذي يترتّب عليه ، ثمّ نقل عن عمر بن الخطاب ندامته على التصويب ، قال : قال عمر بن الخطاب : ما ندمت على شيء مثل ندامتي على ثلاث. (٢)
__________________
(١). أعلام الموقعين : ٤٨ / ٣.
(٢). أعلام الموقعين : ٣٦ / ٣ ، وأشار إليه في كتابه الآخر إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان : ٣٣٦ / ١.