وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه». (١)
فإن قلت : إذا كان التقليد هو العمل استناداً إلى قول المجتهد ، يلزم أن يكون التقليد متأخراً عن العمل ومحقّقاً به ، مع أنّه متقدم على العمل حيث لا بدّ أن يكون العمل عن تقليد ؛ فيكون التقليد في رتبة سابقة.
قلت : هذا إنّما يتم لو دلّ دليل على لزوم كون العمل ناشئاً عن تقليد كي يكون سابقاً على العمل وليس كذلك إذ الواجب أن يكون العامي في عمله معتمداً على الحجة. وهو متحقّق حتى ولو كان التقليد نفس العمل.
لكن لا فائدة مهمة في تحقيق مفهوم التقليد ، لأنّه لم يقع موضوعاً لحكم شرعيّ في دليل صالح للاستناد ، فصحّة عمل العامي تابع لدلالة الدليل الشرعي ، لا لصدق التقليد وعدمه ، وتصوّر انّه وقع موضوعاً في المسألتين التاليتين :
١. البقاء على تقليد الميت.
٢. العدول من تقليد حي إلى حيّ.
مدفوع بأنّ الحكم بالجواز أو المنع ليس دائراً مدار صدق التقليد وعدمه ، بل دائر مدار وجود الدليل على البقاء أو العدول وعدمه ، ولعلّ كلمة «التقليد» عنوان مشير إلى واقع المسألة لا انّه دخيل في الموضوع.
المسألة الثانية : في جواز التقليد
البحث في جواز التقليد يتصوّر على وجهين :
الأوّل : فيما يصحّ للعاميّ أن يعتمد عليه في أمر التقليد وجواز الرجوع إلى الغير.
الثاني : ما يمكن أن يعتمد عليه المجتهد في الإفتاء بجواز التقليد.
أمّا الأوّل ، فللعامّي أن يستند في جواز الرجوع إلى العلماء إلى السيرة
__________________
(١). الوسائل : ١٨ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.