ودراسة المسألة تتم من خلال بيان أمرين :
الأوّل : أنّ مقتضى الأصل الأوّلي هو عدم حجية قول الميت ، لما عرفت من أنّ الأصل عدم الحجية إلّا ما قام الدليل على حجيته وليس هو إلّا تقليد الحي.
الثاني : أنّ مقتضى الأدلّة الاجتهادية هو المنع ، للإجماعات المنقولة المتضافرة من عصر العلّامة إلى يومنا هذا ، فإنّه وإن لم يكشف عن دليل شرعي وصل إليهم ولم يصل إلينا ، لكنه يكشف عن قيام السيرة على المنع ، وهو عدم جواز تقليد الميت. قال الشيخ الأنصاري : إنّ هذا الاتفاق بدرجة من القبول حتى شاع عند العوام انّ قول الميت كالميّت.
وربّما يستدل على جواز الرجوع بإطلاقات الآيات والروايات ، كآية النفر والسؤال والروايات الإرجاعية إلى رواة الأحاديث أو إلى أشخاص معيّنين ، ولكن الاستدلال غير تام ، فإنّ الأدلّة ناظرة إلى عنوان المنذر والمحذر (في آية النفر) والمفتي (في حديث أبان) وظهورها في الحي ممّا لا ينكر.
المسألة الخامسة : في البقاء على تقليد الميت
البقاء على تقليد الميت التي يعبّر عنها بالتقليد الاستمراري من المسائل المستحدثة في القرن الثالث عشر ، عصر صاحب الجواهر (١٢٦٦١٢٠٠ ه) فقد اختلفت كلمتهم إلى ثلاثة أقوال :
أ. جواز البقاء مطلقاً.
ب. عدم جوازه كذلك.
ج. جوازه فيما عمل بفتواه ، وعدمه إذا لم يعمل به ، أو ما أشبهه.
والتحقيق يتوقّف على بيان الحكم في مرحلتين :
الأُولى : ما هو مقتضى القاعدة الأوّلية؟