الثانية : ما هو مقتضى القاعدة الثانوية؟
فقد مرّ بيانها في المسائل السابقة ، وقلنا : إنّ مقتضى القاعدة الأوّلية في الظنون عدم الحجية إلّا أن يقام دليل عليها.
وأمّا الثانية ، فالظاهر انّ مقتضاها هو جواز البقاء على تقليد الميت لوجهين :
الأوّل : وجود السيرة بين العقلاء حيث إنّهم لا يفرّقون في رجوع الجاهل إلى العالم فيما جهله بين كون العالم حيّاً عند العمل بقوله أو عدمه ، وما ذكرناه سابقاً من تضافر الإجماعات المنقولة على منع تقليد الميت ، فالقدر المتيقن منها هو تقليد الميت ابتداءً لا استمراراً.
الثاني : انّ الروايات الإرجاعية تعم المقام ، فإنّ من أرجعه الإمام إلى أشخاص معيّنين ، كالأسدي أو يونس بن عبد الرحمن ، أو زكريا بن آدم ، ما كان يشك في حجية قولهم بعد وفاتهم. ولا يخطر ببال العامي ترك ما أخذه وتعلمه بمجرد موت من
أخذ عنه.
المسألة السادسة : العدول من تقليد مجتهد إلى آخر
هل يجوز العدول من الحي إلى الحي مطلقاً ، أو لا يجوز كذلك ، أو فيه التفصيل بين كون الثاني أعلم أو عدمه؟ ومحل الكلام فيما إذا كان بين المجتهدين اختلاف في الفتوى وصور المسألة ثلاث :
أ. أن يكون الأوّل أعلم من الثاني ، فلا يجوز العدول ، لما تقدّم من عدم جواز تقديم المفضول مع وجود الفاضل.
ب. أن يكون الأمر على العكس ، فيجب العدول إلى الثاني ، للسيرة السائدة بين العقلاء من الرجوع إلى الفاضل في مهام الأُمور.