المثلث تساوي قائمتين فقد أدرك أمراً واقعياً لا يختص بالمدرك لانّ التساوي من آثار طبيعة المثلث ، فهكذا إذا أدرك حسن شيء أو قبحه والفرق بين الحكمتين انّ المعلوم في النظرية من شأنه أن يعلم كما انّ المعلوم في العملية من شأنه أن يعمل به.
فإن قلت : كيف يمكن الاعتماد على حكم العقل وجعله دليلاً على الحكم الشرعي مع أنّه قامت الأدلّة على لزوم العمل بحكم تتوسط الحجّة في تبليغه وبيانه ولا عبرة بالحكم الواصل من غير تبليغ الحجّة؟ وتدلّ على ذلك الأحاديث التالية :
١. صحيح زرارة «فلو انّ رجلاً صام نهاره ، وقام ليله ، وتصدّق بجميع ماله ، وحجّ جميع دهره ، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله ثواب ولا كان من أهل الإيمان». (١)
٢. قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «من دان بغير سماع ألزمه الله التيه يوم القيامة». (٢) ٣. وقال أبو جعفر (عليهالسلام) : «كلّما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل». (٣) إلى غير ذلك من الروايات. (٤)
قلت أوّلاً : انّ الروايات ناظرة إلى المُعْرضين عن أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) والمستهدين بغيرهم على وجه كان جميع أعمالهم بدلالة سواهم ، وأمّا من أناخ مطيّته على عتبة أبوابهم في كلّ أمر كبير وصغير ، ومع ذلك اعتمد على العقل في مجالات خاصة فالروايات منصرفة عنه جداً.
__________________
(١). الوسائل : الجزء ١٨ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٣.
(٢ و ٣). الوسائل : ١٨ ، الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٤ و ١٨.
(٤). الكافي : ١٣ / ١٦١ ، باب العقل والجهل.