أ. (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى).
ب. و (مَنْ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ).
ثمّ إنّه سبحانه جعل لهما جزاءً واحداً وهو قوله :(نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى ...) فإذا كانت مشاقّة الله ورسوله حراماً كان اتّباع غير سبيل المؤمنين حراماً مثله بشهادة وحدة الجزاء ، فإذا حرم اتّباع غير سبيلهم ، فاتّباع سبيلهم واجب إذ لا واسطة بينهما. ويلزم من وجوب اتّباع سبيلهم كون الإجماع حجّة ، لأنّ سبيل الشخص ما يختاره من القول أو الفعل أو الاعتقاد.(١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ الوقوف على مفاد الآية يتوقّف على تبيين سبيل المؤمن والكافر أي سبيل لا من يشاقق ومن يشاقق في عصر الرسول الذي تحكي الآية عنه ، فسبيل المؤمن هو الإيمان بالله وإطاعة الرسول ومناصرته ، وسبيل الآخر هو الكفر بالله ومعاداة الرسول ومشاقّته ، فالله سبحانه يندّد بالكافر ويذكر جزاءه بقوله :(نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) ويكون جزاء المؤمن بطبع الحال خلافه.
وعلى ضوء ذلك يكون المراد من اتّباع سبيل المؤمنين هو إطاعة الرسول ومناصرته ، ومن سبيل غيرهم هو معاداة الرسول ومناقشته فأي صلة للآية بحجّية اتّفاق المؤمنين على حكم من الأحكام.
وبعبارة أُخرى : أنّ الموضوع للجزاء في الآية مركّب من أمرين :
أ. معاداة الرسول.
ب. سلوك غير سبيل المؤمنين.
فَعَطفَ أحدهما على الآخر بواو الجمع وجَعَلَ سبحانه لهما جزاءً واحداً وهو قوله : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ).
__________________
(١). الوجيز : ٤٩.