ثالثاً : أنّ المصون من الضلالة هي الأُمّة بما هي أُمّة لا الفقهاء فقط ولا أهل العلم ولا أهل الحل والعقد ، وعلى ذلك ينحصر مفاد الحديث بما اتّفقت عليه جميع الأُمّة في مجال العقائد والأُصول والفروع.
إلى هنا تمّ ما استدلّ به أهل السنّة على حجّية الإجماع وكونه من مصادر التشريع بما هو هو ، وقد عرفت قصور أدلّتهم عن إثبات مرامهم فهلمّ معي ندرس مكانة الإجماع عند الشيعة.
مكانة الإجماع المحصّل عند الشيعة
إنّ الأُمّة مع قطع النظر عن الإمام المعصوم بينهم ، غير مصونة من الخطأ في الأحكام فليس للاتّفاق والإجماع رصيد علمي ، إلّا إذا كشف عن الحجّة بأحد الطريقين :
١. استكشاف قول المعصوم بالملازمة العقلية (قاعدة اللطف).
٢. استكشاف قوله (عليهالسلام) بالملازمة العادية (قاعدة الحدس).
أمّا الأمر الأوّل فحاصل النظرية انّه يمكن أن يستكشف عقلاً رأي الإمام (عليهالسلام) من اتّفاق من عداه من العلماء على حكم وعدم ردعهم عنه نظراً إلى قاعدة اللطف التي لأجلها وجب على الله نصب الحجّة الموصوف بالعلم والعصمة في كلّ الأزمنة. فإنّ من أعظم فوائدها ، حفظ الحقّ وتمييزه عن الباطل كي لا يضيع بخفائه ويرتفع عن أهله أو يشتبه بغيره ، وتلقينُهم طريقاً يتمكن العلماء وغيرهم من الوصول به إليه ومنعهم وتثبيطهم عن الباطل أوّلاً أو ردّهم عنه إذا أجمعوا عليه ثانياً. (١)
__________________
(١). كشف القناع : ١١٤.