خلافاً للظاهر ولا يعدّ مناقضاً في القول ، كما إذا قال : أكرم العلماء ، الظاهر في الوجوب ثمّ أشار بدليل خاص بأنّ المقصود هو الندب.
وأمّا النصّ فهو لا يحتمل إلّا معنى واحداً ، ولا يصحّ تأويله بل يعد أمراً متناقضاً ، وهذا مثل قوله سبحانه : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). (١)
فإنّ كون حظّ الذكر مثلي حظ الأُنثى شيء ليس قابلاً للتأويل ولذلك يعدّ نصاً ، ومن حاول تأويله لا يقبل منه ، ومثله قوله سبحانه : ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).
إذا علمت ذلك ، فنقول : إنّ القضاء بين الرأيين : كشف الظواهر عن مراد المتكلّم هل هو كشف قطعي أو ظني ، يتوقّف على بيان الوظيفة التي حملت على عاتق الظواهر؟ وتبيين رسالتها في إطار التفهيم والتفهّم؟ فلو تبيّن ذلك لسهل القضاء بأنّ الكشف قطعي أو ظني.
فنقول : إنّ للمتكلّم إرادتين :
١. إرادة استعمالية ، وهي استعمال اللفظ في معناه ، أو إحضار المعاني في ذهن المخاطب سواء أكان المتكلّم جادّاً أو هازلاً أو مورّياً أو غير ذلك ، سواء أكان المعنى حقيقياً أو مجازياً.
٢. إرادة جدية ، وهي انّ ما استعمل فيه اللفظ مراد له جداً ، وما هذا إلّا لأنّه ربما يفارق المرادُ الاستعمالي ، المرادَ الجدي ، كما في الهازل والمورّي والمقنّن الذي يُرتِّب الحكم على العام والمطلق مع أنّ المراد الجدي هو الخاص والمقيد ، ففي هذه الموارد تغاير الإرادةُ الجدية الإرادةَ الاستعمالية ، إمّا تغايراً تاماً كما في الهازل والمورّي واللاغي ، أو تغايراً جزئياً كما في العام الذي أُريد منه الخاص ، أو المطلق
__________________
(١). النساء : ١١.