ويعبّر عن حلّ هذا الاشكال في مصطلح الأُصوليّين «بالجمع بين الحكم الظاهري والواقعي».
وقد فصّل المتأخرون الكلام فيه وموجز الجواب في هذا المقام عن هذا الإشكال انّه إذا كان مفاد الخبر موافقاً للواقع يكون منجّزاً للحكم الواقعي ، وأمّا إذا كان مخالفاً للواقع فيكون الحكم الواقعي عند من قامت الأمارة على خلافه ، إنشائياً لا فعلياً ، وإنّما يتوجّه الإشكال إذا كان هناك حكمان فعليان متضادان في واقعة واحدة ، وأمّا إذا كان أحد الحكمين (الحكم الواقعي) إنشائياً والآخر فعلياً فلا إشكال فيه ، والتفصيل يطلب من دراسات علياء.
ما هو الأصل في العمل بالظنّ؟
وقبل التعرّف على أدلّة وقوع التعبّد بالظن في الشريعة الإسلامية يجب الوقوف على ما هي القاعدة الأوّلية في العمل بالظن ، فهل هي حرمة العمل بالظن إلّا ما خرج بالدليل؟ أو الأصل جواز العمل بالظن إلّا ما خرج بالدليل؟
فعلى الأوّل يكون الأخذ بواحد من أقسام الظنون كالخبر الواحد وقول اللغوي والشهرة الفتوائية وغيرها متوقفاً على وجود دليل ، وإلّا فالأصل هو الحرمة ؛ كما أنّه تنعكس القاعدة على القول الثاني ، فالأصل هو حجّية كلّ ظن إلّا ما قام الدليل على الحرمة كالقياس والاستحسان.
وبذلك يعلم أنّ المراد من الأصل في العنوان هو مقتضى الأدلة الاجتهادية ، ويعبّر عنها بمقتضى القاعدة الأوّلية وليس المراد منه هو الأصل العملي.
وعلى كلّ تقدير اتّفقت كلمة المحقّقين على أنّ الأصل هو حرمة العمل بالظن إلّا أن يقوم الدليل على الحجّية.