١ ـ الأدلّة الظنّية
حجّية السنّة المحكية بخبر الواحد
السنّة بمعنى قول المعصوم أو فعله أو تقريره حجّة بلا كلام ، كما أنّه لا شكّ في حجّية الخبر الحاكي للسنّة إذا كان خبراً متواتراً أو محفوفاً بالقرينة لإفادتهما العلم ، إنّما الكلام في حجّية الحاكي إذا كان خبراً مجرّداً عن القرينة وكان الراوي ثقة ، فقد ذهب معظم الأُصوليين إلى حجّيته واستدلّوا عليه بالكتاب والسنّة والإجماع ، وقد ذكرنا دلائلهم في كتاب «الموجز» فلا حاجة إلى الإعادة.
لكن الأولى الاستدلال عليها بالسيرة العقلائية المنتشرة بينهم ، فقد جرت سيرتهم على العمل بخبر الثقة المفيد للاطمئنان الذي هو علم عرفي وإن لم يكن علماً عقلياً ، وما هذا إلّا لأجل انّ تحصيل العلم في أغلب الموارد موجب للعسر والحرج ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر انّ القلب يسكن إلى قول الثقة ، ويطمئن به ، ولأجل ذلك يعد عند العرف علماً لا ظنّاً ، لما له من ملكة رادعة عن الاقتحام في الكذب ، فبملاحظة هذين الأمرين جرت سيرتهم على الأخذ بقول الثقة.
ولو كانت السيرة أمراً غير مرضي للشارع ، كان عليه الردع عنها كما ردع عن العمل بقول الفاسق.
وبعبارة أُخرى : انّك إذا سبرت أحوال الأُمم في العصور الغابرة ، تقف على أنّ سيرتهم جرت على العمل بخبر الثقة ، وانّ عمل المسلمين به لم يكن إلّا