لغات القرآن ما يربو على مائة وسبعين سؤالاً ، فأجابه مستشهداً بشعر العرب ، وهو يعرب عن إحاطة ابن عباس بشعر العرب وموارد استعماله ، وقد نقلها السيوطي في «الإتقان».(١)
هذا إذا قلنا بحجية قول اللغوي وأمّا إذا لم نقل بحجيّة قوله (٢) ، فليس للفقيه أيضاً غنى عن الرجوع إلى المعاجم ، وذلك لأنّ هناك ألفاظاً فقهية معلومة إجمالاً ، لكنّها مجهولة من حيث الشروط والقيود فلا تفهم إلّا بالرجوع إلى المعاجم المعتبرة لاستظهار الحقيقة منها بالدقة والإمعان.
لا أقول : إنّ قول اللغوي الواحد حجّة ، بل أقول إنّ الرجوع إلى المعاجم المختلفة المعتبرة والدقّة في كلماتهم وضرب بعضها على بعض ، يورث الاطمئنان ويزيح الستار عن وجه الواقع ، مثلاً : اختلف الفقهاء في معنى القمار والمقامرة وانّه هل يعتبر فيهما العوض أو لا؟ وهل يعتبر فيه الآلة المتعارفة أو لا؟ ولا يعلم ذلك إلّا بعد مراجعة اللغات الأصلية حتّى يحصل الاطمئنان بواحد من الطرفين.
إلى هنا تمّ البحث في الأدلّة الظنّية الّتي قامت على حجّيتها أدلّة قطعية ، فيبقى البحث في العرف والسيرة ، وقد تطرّقنا إليها في «الموجز» على قدر الكفاية.
ثمّ إنّ هناك ظنوناً غير معتبرة عندنا ومعتبرة عند أهل السنّة نتناولها بالبحث لمسيس الحاجة إلى الوقوف عليها.
__________________
(١). الإتقان : ٣٨٢ / ١ ٤١٦.
(٢). ذكرنا دليل القائلين بحجّية قول اللغوي وعدمها في الموجز ، ص ١٧٥ ١٧٦.