الشرب ، دون الجماع ، أرشده النبي إلى تشبيه القُبلَة بالمضمضة إقناعاً للمخاطَب ، لا استنباطاً للحكم من الأصل.
ب : الدليل العقلي
ويقرّر بوجهين :
أ. انّه سبحانه ما شرّع حكماً إلّا لمصلحة ، وأنّ مصالح العباد هي الغاية المقصودة من تشريع الأحكام ، فإذا ساوت الواقعةُ المسكوت عنها ، الواقعةَ المنصوص عليها في علّة الحكم التي هي مظنّة المصلحة ، قضت الحكمة والعدالة أن تساويها في الحكم ، تحقيقاً للمصلحة التي هي مقصود الشارع من التشريع ، ولا يتفق وعدلَ الله وحكمتَه أن يحرّم الخمر لإسكارها محافظة على عقول عباده ، ويبيح نبيذاً آخر فيه خاصيّة الخمر ، وهي الإسكار ، لأنّ مآل هذا ، المحافظةُ على العقول من مسكر ، وتركها عرضة للذهاب بمسكر آخر. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الكبرى مسلّمة ، وهي أنّ أحكام الشرع تابعة للمصالح والمفاسد ، إنّما الكلام في وقوف الإنسان على مناطات الأحكام وعللها على وجه لا يخالف الواقع قيد شعرة ، وأمّا قياس النبيذ على الخمر فهو خارج عن محلّ الكلام ، لأنّا نعلم علماً قطعيّاً بأنّ مناط حرمة الخمر هو الإسكار ، ولذلك روي عن أئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) أنّه سبحانه حرّم الخمر وحرّم النبيُّ كلَّ مسكر. (٢) ولو كانت جميع الموارد من هذا القبيل لما اختلف في حجية القياس اثنان.
ولأجل إيضاح الحال ، وأنّ المكلّف ربّما لا يصل إلى مناطات الأحكام ، نقول :
__________________
(١). عبد الوهاب الخلاف : مصادر التشريع الإسلامي : ٣٥٣٤.
(٢). الكليني : الكافي : ٢٦٥ / ١ ، باب التفويض إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم).