٤. سد الذرائع
الذرائع جمع ذريعة بمعنى الوسيلة ، فقد تطلق ويراد منها مقدّمة الشيء ، أعني ما يتوقف عليه وجوده ، من غير فرق بين أن يكون واجباً كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة أو حراماً كالمشي إلى النميمة أو استماع الغيبة.
وقد تطلق ويراد منها ما يفضي إلى الحرام ، وإن لم يكن وجود الشيء متوقفاً عليه كضرب المرأة برجلها ذات الخلاخيل فإنّه ذريعة للافتتان بها ، فإنّ الضرب بالأرجل في هذه الحالة يُفضي إلى الافتتان وإن كان الافتتان لا يتوقف على الضرب بالأرجل.
وعلى هذا ، فحكم الذرائع بالإطلاق الاوّل تابع لحكم ذي الذريعة ، فلو كانت ذريعة للواجب أو المستحب أو الحرام توصف بحكمه على القول بالملازمة بين وجوب الشيء أو حرمته وبين وجوب مقدمته أو حرمته. ويكون سدّ الذرائع عنواناً آخر لحكم المقدمة الذي يبحث عنه في الأُصول.
كما أنّ الذريعة بالاطلاق الثاني تدخل في الإعانة على الإثم وتكون محكومة بحكمها ، يقول سبحانه : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ). (١)
وبذلك تبيّن انّه ليس سدّ الذرائع مصدراً فقهيّاً مستقلاً بل هو داخل في أحد العنوانينحرمة مقدّمة الحرام ، أو حرمة الإعانة بالإثم).
وقد أكثرت المالكية والحنابلة من إعماله خلافاً للحنفية حيث حلّ فتح الذرائع مكانها كما سيوافيك.
__________________
(١). الأنعام : ١٠٨.