مأمورة باتّباع كتابه وسنّة نبيه ، ولا فرق بين الصحابة ومن بعدهم في ذلك ، فكلّهم مكلّفون بالتكاليف الشرعية وباتباع الكتاب والسنّة ، فمن قال : إنّها تقوم الحجّة في دين الله عزوجل بعد كتاب الله تعالى وسنّة رسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وما يرجع إليها ، فقد قال في دين الله بما لا يثبت. (١)
وهناك حقيقة مرّة وهي أنّ حذف قول الصحابي من الفقه السنّي الذي يعد الحجر الأساس للبناء الفقهيّ على صعيد التشريع ، يوجب انهيار صَرْحِ البناء الذي أُشيد عليه وبالتالي انهيار القسم الأعظم من فتاواهم ، ولو حلَّ محلّها فتاوى أُخرى ربما استتبع فقهاً جديداً لا أنس لهم به.
٧. إجماع أهل المدينة
ذهب مالك إلى حجّية اتّفاق أهل المدينة قائلاً : بأنّ أهل المدينة أعرف الناس بالتنزيل ، فالحق لا يخرج عمّا يذهبون إليه ، فيكون عملهم حجّة يقدم على القياس وخبر الواحد ، وقد أفتى بمسائل نظراً لاتفاق أهل المدينة عليها. نظير الجمع بين الصلاتين ليلة المطر ، والقضاء بشهادة واحد ويمين صاحب الحق ، والاسهام في الجهاد لفرس أو لفرسين (٢) ؛ وقد ردّ عليه معاصره الليث بن سعد في رسالة مبسّطة.
لكن القول الحاسم : إنّ اتّفاق أهل المدينة لو كان ملازماً لقول المعصوم ملازمة عادية فيؤخذ به ، وإلّا فلا يكون حجّة ، ومثله اتّفاق المصرين الكوفة
__________________
(١). إرشاد الفحول : ٢١٤.
(٢). اعلام الموقعين : ٩٤ / ٣ ١٠٠ ، طبع دار الفكر.