للجميع عنواناً واحداً فنقول :
دلّت الأدلة على أنّ الوظيفة العملية فيما إذا أمكن الاحتياط ولكن لم ينهض دليل على العقاب حسب تعبيرنا أو إذا كان الشكّ في التكليف حسب تعبير المشهور هو البراءة وعدم وجوب الاحتياط ، فلنذكر ما هو المهم من الأدلة روماً للاختصار :
الاستدلال بالكتاب
١. التعذيب فرع البيان
دلّت آيات الذكر الحكيم على أنّه سبحانه لا يعذِّب قوماً على تكليف إلّا بعد بعث الرسول الذي هو كناية عن بيان التكليف ، وقد تواتر ذلك المضمون في الآيات الكريمة نذكر منها ما يلي :
١. قال سبحانه :(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). (١)
٢. وقال تعالى : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ). (٢)
والاستدلال بالآيتين مبني على أمرين :
الأوّل : انّ صيغة «وما كنّا» أو «ما كان» تستعمل في إحدى معنيين : إمّا نفي الشأن والصلاحية لقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٣) ، أو نفي الإمكان كقوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا
__________________
(١). الإسراء : ١٥.
(٢). القصص : ٥٩.
(٣). البقرة : ٨١٤٣