غيبتان : إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم : قتل ، وبعضهم : ذهب ، ولا يطّلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلّا المولى الّذي يلي أمره.
ويدلّ عليه أيضا الحديث : ٢٥٤.
__________________
أقول : بل ويدلّ على صحّة هذه الأحاديث نفس تخريجها في الكافي الّذي صنّفه الكليني ـ قدسسره ـ في عصر الغيبة الصغرى ، وانقضاء عصرها وحصول الغيبة الثانية التامّة بعده ، فإنّ عليّ بن محمّد السمري ـ رضياللهعنه ـ هو آخر السفراء توفّي في شعبان سنة (٣٢٩ ه) والكليني توفّي في سنة (٣٢٨ ه) ، وعلى قول توفّي في سنة (٣٢٩ ه) في السنة الّتي توفي فيها السفير الرابع السمري فإنّه أيضا توفّي في النصف من شعبان من سنة (٣٢٩ ه) ، واحتمل بعضهم على فرض وقوع وفاة الكليني في سنة (٣٢٩ ه) وقوعها قبل وفاة السمري.
وكيف كان تخريج هذه الأحاديث في الكافي وانقضاء مدّة الغيبة القصرى ووقوع الغيبة الطولى التامّة بعده يؤكّد صحّة هذه الأحاديث ، بل بنفسه دليل على صحّتها.
هذا ولا يخفى عليك أنّ قصّة غيبة مولانا المهدي ـ بأبي هو وامّي ـ مذكورة في أشعار شعراء الشيعة كالحميري المتوفّى سنة (١٧٣ ه) ، وهو الّذي يقول في قصيدته الّتي خاطب بها مولانا الصادق عليهالسلام (انظر الغدير : ج ٢ ص ٢٤٧) :
ولكن روينا عن وصيّ محمّد |
|
وما كان فيما قال بالمتكذّب |
بأنّ وليّ الأمر يفقد لا يرى |
|
ستيرا كفعل الخائف المترقّب |
فيقسم أموال الفقيد كأنّما |
|
تعيّبه بين الصفيح المنصّب |
فيمكث حينا ثمّ ينبع نبعة |
|
كنبعة جدي من الافق كوكب |
وأشهد ربّي أنّ قولك حجّة |
|
على الخلق طرّا من مطيع ومذنب |
بأنّ وليّ الأمر والقائم الّذي |
|
تطلّع نفسي نحوه بتطرّب |
له غيبة لا بدّ من أن يغيبها |
|
فصلّى عليه الله من متغيّب |
فيمكث حينا ثمّ يظهر حينه |
|
فيملأ عدلا كلّ شرق ومغرب |