__________________
دورة العمر فيها ثابتة وطبيعيّة ، أحرفة الفلكي الّتي الوفيات فيها ١٥ إلى ٢٠ في المائة تحت المتوسط ، أم المحاماة الّتي الوفيات فيها ٥ الى ١٥ فوق المتوسط ، أم تنظيف الشبابيك الّتي الوفيات فيها ٤٠ إلى ٦٠ في المائة فوق المتوسط؟ هذه أمثلة على عظم الفرق في متوسط الوفيات بين بعض الحرف على ما في إحصاءات بعض شركات التأمين.
وهناك أدلّة كثيرة على أنّ أدوار الحياة بين الأحياء ـ ومنها الإنسان ـ تغيّرت تغيّرا عظيما بالوسائل الصناعيّة ، وأنّ أدوار الحياة في بعض الأحياء تزيد كثيرا عمّا قدّر للإنسان ، فلما ذا تعيش السلحفاة ٢٠٠ سنة ، والإنسان ٧٠ سنة؟ ولم تعيش الخلايا الداخلية في بعض الأشجار ٤٠٠ سنة ، وفي الإنسان أقلّ من ١٠٠ سنة؟ وقد يقال جوابا عن هذا : إنّ الإنسان يدفع بذلك ثمن عيشته الحضريّة الراقية ، وتركيبه الراقي ، فالشجرة المشار إليها تمكث في بقعة واحدة فتظهر فيها جميلة ، ولكن أليس بين الرجال والنساء من لا يصنع أكثر ممّا تصنع الشجرة وينال أجرا على ذلك؟
وتجارب المختبرات البيولوجيّة ذات مغزى كبير ، فقد استطاع بعض العلماء استنبات أفخاذ الدعاميص (صغار الضفادع) من أجسادها قبل أوان خروجها بتغيير مقدار الأكسجين في الوسط الموجودة فيه ، وهذا بمثابة تغيير جوهري في دورة حياة الدعاميص. وكذلك تمكّن آخرون من إطالة عمر ذبابة الأثمار ٩٠٠ ضعف عمرها الطبيعي بحمايتها من السمّ والعدوى وتخفيض حرارة الوسط الّذي تعيش فيه. وتمكّن كارل بتجاربه من إبقاء الخلايا في قلب جنين دجاجة حيّا مدّة سبع عشرة سنة بصيانته من بعض العوامل في المحيط الذي وضع فيه.
وإذا نظرنا إلى العوامل المتسلّطة على دور حياة الإنسان وجدنا أنّه إذا أخذنا شيئا من المادّة المعروفة باسم «كراتن» والمستخرجة من غدّة درقيّة عليلة أمكننا إعادتها إلى حالتها الطبيعيّة بحقنها بخلاصة غدّة صحيحة ، وكثيرا ما انقذ الشخص المشرف على الموت بحقنه بخلاصة الكبد على أثر اشتداد إصابته بالإينميا الخبيثة ، وموته بها لا يختلف في مبدئه عن الموت على أثر الشيخوخة ، ويعاد المصاب بالسكّر الى حالته الطبيعيّة بحقنه بخلاصة البنكرياس.
وامتدّت أيدي العلماء إلى أصل الجرثومة وقد كان يظنّ أنّه لا يمكن العبث بها ، فتمكّنوا من تغيير جنس الضفادع والطيور من الذكور والإناث ، والعكس ، ولم يجرّب ذلك بعد في الإنسان ، ولكن ما دام هذا المبدأ قد تأيّد في الحيوان فلا يمنع تأييده في الإنسان إلّا