الملاحم : يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى ، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي ، (ومنها :) حتّى تقوم الحرب بكم على ساق ، باديا نواجذها ، مملوءة أخلافها ، حلوا رضاعها ، علقما عاقبتها ، ألا وفي غد ، وسيأتي غد بما لا تعرفون ، يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوئ أعمالها ، وتخرج له الأرض من أفاليذ كبدها ، وتلقي إليه سلما مقاليدها ، فيريكم كيف عدل السيرة ، ويحيي ميّت الكتاب والسنّة.
ويدل عليه أخبار كثيرة جدّا ، وذلك لأنّ ردّ الناس إلى الكتاب والسنّة من أعظم أعمال المهدي عليهالسلام ومن صفاته البارزة ، قلّما يوجد حديث لا يدل عليه بالالتزام أو المطابقة ، فلا يكون المهدي ، إلّا من يكون كذلك ، ولا يقوم إلّا لإقامة الحقّ ، ولا يقام الناس بردّ الناس إلى الكتاب والسنّة ولا يملأ الأرض من العدل والقسط إلّا به ، ولا يعلن أمر الله ولا يظهر الإسلام على الأديان إلّا بردّ الناس إلى الكتاب والسنة ، فكل أعماله الإصلاحية لا تتحقّق إلّا به ، فهو لا يظهر ولا يقوم ولا يخرج إلّا لإقامة الشرع والعمل بالكتاب والسنّة.
__________________
ولا يحكمون بالقرآن بل بالرأي ... ، وقال في قوله : «سيأتي غد بما لا تعرفون» : والمراد تعظيم شأن الغد الموعود بمجيئه ، ومثل ذلك في القرآن كثير ... إلى أن قال : والأفاليذ جمع أفلاذ ، وأفلاذ جمع فلذ ، وهي القطعة من الكبد ، وهذا كناية عن الكنوز الّتي تظهر للقائم بالأمر ، وقد جاء ذكر ذلك في خبر مرفوع في لفظة : «وقاءت له الأرض أفلاذ كبدها» ، وقد فسر قوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) بذلك في بعض التفاسير. شرح ابن أبي الحديد : ج ٩ ص ٤٠ ـ ٤٦.