الفصل الأوّل
في من فاز برؤيته عليهالسلام في الغيبة الصغرى (١) وفيه ٢٧ حديثا
__________________
(١) اعلم أنّه قد دلّت الروايات الكثيرة ـ كما قرأت بعضها في الفصل السابع والعشرين من ب ٣ ـ على أن له غيبتين ؛ إحداهما أطول من الاخرى ، وامتدّت الغيبة الصغرى إلى سنة ٣٢٩ ه ، سنة موت أبي الحسن علي بن محمّد السمري الّذي ختم به النيابة الخاصّة ، وانقطعت بموته السفارة ، فكانت مدّتها ٧٤ سنة ، على أن يكون أوّلها سنة ولادة الحجّة عليهالسلام ، و ٦٩ سنة على أن يكون أوّلها سنة وفاة أبيه سنة ستين ومائتين ، وفي هذه المدّة كان السفراء ـ رضوان الله عليهم ـ هم الوسائط بينه وبين شيعته ، ويصل إليه وكلاؤه وبعض الخواصّ من الشيعة ، ويصدر منه التوقيعات إلى بعض الخواصّ ، ويجيء من ناحيته المقدّسة بتوسّط السفراء أجوبة المسائل والأحكام الشرعيّة وغيرها ، والخواصّ من الشيعة يعرفون خطّه الشريف.
ويمكن أن يكون السرّ في وقوع الغيبة الصغرى عدم انس الشيعة بالغيبة التامّة ، فوقعت الغيبة الصغرى قبل الغيبة الكبرى لئلا يستوحشوا منها إذا وقعت ، بل الناظر في التواريخ يرى أنّهم عليهمالسلام كانوا يعوّدون الشيعة باختفاء الإمام عن نظر الرعيّة في الجملة من زمان الإمام أبي الحسن علي بن محمّد الهادي عليهماالسلام. ذكر ذلك المسعودي ـ المؤرّخ الكبير ـ في إثبات الوصيّة ، قال : «وروي أنّ أبا الحسن صاحب العسكر احتجب عن كثير من الشيعة إلّا عن عدد يسير من خواصّه ، فلمّا افضي الأمر إلى أبي محمّد كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر إلّا في الأوقات الّتي يركب فيها إلى دار السلطان ، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله مقدّمة لغيبة صاحب الزمان ، لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة ، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار ، انتهى».
وبعد انقضاء الغيبة القصرى وقعت الغيبة الطولى ، فلا ظهور إلى أن يأذن الله تعالى ،