__________________
ولا يتّفق درك خدمته إلّا لأوحدي من الناس ، وانسدّت فيها باب السفارة والنيابة الخاصّة ، وفوّض الأمر إلى الفقهاء العالمين بالأحكام ، وحملة الآثار والأخبار وعلوم الأئمّة الطاهرين ، فقد روى الصدوق في «كمال الدين» عن محمّد بن محمّد بن عصام عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب ، قال : سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل شكلت عليّ ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليهالسلام : «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك ... إلى أن قال بعد ذكر أجوبة مسائله : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم». ورواه الشيخ في كتاب «الغيبة» عن جماعة عن جعفر بن محمّد بن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما كلّهم عن محمّد بن يعقوب ، ورواه في الاحتجاج عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام في الحديث المشهور الّذي رواه الكليني بسنده عن عمر بن حنظلة ، والشيخ أيضا بإسناده عنه (كما في الوسائل : ج ١٨ كتاب القضاء ب ١١ من أبواب صفات القاضي ح ١) : «من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا كالراد على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله».
وروى في الاحتجاج عن الإمام أبي محمّد العسكري في حديث عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه» ، وروى أيضا في الاحتجاج بسنده عن الإمام أبي محمّد الحسن عن أبيه علي بن محمّد الهادي عليهمالسلام قال : «لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليهالسلام من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه ، والذابّين عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته وفخاخ النواصب لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين الله ، ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها ، اولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل» وروى الشهيد الثاني في «منية المريد» عن الإمام الهادي عليهالسلام نحوه ، وتدلّ على ذلك غير هذه الأحاديث روايات اخرى ذكرها الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ في كتبهم.
تنبيه فيه تأكيد : اعلم أنّه ـ كما أشرنا إليه ـ قد انقضى بانقضاء عصر الغيبة القصرى