فقال له السعيد رضي الدين ـ قدس روحه ـ : أنا متوجّه الى بغداد ، وربّما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني ، فأصعد معه وأحضر الأطباء ، فقالوا كما قال اولئك ، فضاق صدره ، فقال له السعيد : إنّ الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب ، وعليك الاجتهاد في الاحتراس ، ولا تغرّر بنفسك فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله ، فقال له والدي : إذا كان الأمر على ذلك وقد وصلت الى بغداد فأتوجّه الى زيارة المشهد الشريف بسرّمن رأى على مشرّفه السلام ، ثم أنحدر إلى أهلي ، فحسّن له ذلك ، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجّه ، قال : فلمّا دخلت المشهد وزرت الأئمة عليهمالسلام ، نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام عليهالسلام ، وقضيت بعض الليل في السرداب ، وبتّ في المشهد إلى الخميس ، ثمّ مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا ، وملأت إبريقا كان معي ، وصعدت أريد المشهد ، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور ، وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم ، فالتقينا فرأيت شابّين أحدهما عبد مخطوط ، وكلّ واحد منهم متقلّد بسيف ، وشيخا منقّبا بيده رمح ، والآخر متقلّد بسيف ، وعليه فرجيّة ملوّنة فوق السيف وهو متحنّك بعذبته ، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ووضع كعب الرمح في الأرض ، ووقف الشابّان عن يسار الطريق ، وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي ، ثمّ سلّموا عليه ، فردّ عليهمالسلام ، فقال له صاحب الفرجيّة : أنت غدا تروح الى أهلك؟ فقال : نعم ، فقال له : تقدّم حتّى أبصر ما يوجعك؟ قال : فكرهت ملامستهم ، وقلت في نفسي : أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من