بيضاء لا ينبت فيها شعر ، فسألهم الوزير : متى رأيتموه؟ قالوا : منذ عشرة أيّام ، فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل اختها ليس فيها أثر أصلا ، فصاح أحد الحكماء : هذا عمل المسيح ، فقال الوزير : حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها.
ثم إنّه احضر عند الخليفة المستنصر ـ رحمهالله تعالى ـ فسأله عن القصّة فعرّفه بها كما جرى ، فتقدّم له بألف دينار ، فلمّا حضرت قال : خذ هذه فأنفقها ، فقال : ما أجسر آخذ منه حبّة واحدة ، فقال الخليفة : ممّن تخاف؟ فقال : من الذي فعل معي هذا ، قال : لا تأخذ من أبي جعفر شيئا ، فبكى الخليفة وتكدّر وخرج من عنده ولم يأخذ شيئا.
قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته علي بن عيسى ـ عفا الله عنه ـ : كنت في بعض الأيّام أحكي هذه القصّة لجماعة عندي ، وكان هذا شمس الدين محمّد ولده عندي ، وأنا لا أعرفه ، فلمّا انقضت الحكاية قال : أنا ولده لصلبه ، فعجبت من هذا الاتّفاق ، وقلت : هل رأيت فخذه وهي مريضة؟ فقال : لا لأنّي أصبوا عن ذلك ، ولكنّي رأيتها بعد ما صلحت ولا أثر فيها ، وقد نبت في موضعها شعر ، وسألت السيّد صفي الدين محمّد بن محمّد بن بشر العلوي الموسوي ، ونجم الدين حيدر بن الأيسر ـ رحمهماالله تعالى ـ وكانا من أعيان الناس وسراتهم وذوي الهيئات منهم ، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي ، فأخبراني بصحّة هذه القصّة ، وأنّهما رأياها في حال مرضها وحال صحّتها. وحكى لي ولده هذا أنّه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليهالسلام ، حتّى إنّه جاء الى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء ، وكان كلّ أيّامه يزور سامراء ويعود الى بغداد فزارها في تلك السنة أربعين مرّة طمعا أن يعود له الوقت الذي