العصر أرواحنا فداه ولكن لا من شيء ، فالصحراء خالية وعلى مدّ البصر ، وفجأة وعلى حين غرّة رأيت إلى قربي شابّا فيه شبه من السيد مهدي بن السيّد حسين الكربلائي [ولا أستحضر بالي أنّه قال : كانا شخصين أم فقط هذا الشخص ، وأيضا لا أتخطّر أنّه من الذي بدأ بالسلام منهما على الآخر] (١) ، فقلت : شي اسمك (أي : ما أسمك)؟ قال : سيّد مهدي ، قلت : ابن السيّد حسين؟ قال : لا ، ابن السيّد حسن ، قلت : من أين أقبلت؟ قال : من الخضير [وكان في هذه الصحراء مقام معروف بمقام الخضر عليهالسلام ، لذا تصوّرت أنّه يعني جاء من ذلك المقام] ثمّ قال لي : لما ذا توقّفت في هذا المكان؟ فذكرت له تفاصيل القضيّة من بروك الجمل ، وشكوت إليه سوء حالي ، فتوجّه إلى صوب الجمل ، فما أن وضع يده على رأس الجمل إلّا ونهض على رجليه ، ورأيته عليهالسلام يكلّم الجمل ويشير له بسبّابته يمينا ويسارا ، ويرشده الى الطريق ، وبعد ذلك أقبل إليّ وقال : هل عندك حاجة اخرى؟ قلت : عندي حوائج ، ولكنّي لا أستطيع في وضعي هذا واضطرابي وشدّة قلقي من ذكرها ، فعيّن لي موضعا آتيك فيه وأنا حاضر البال فأسألك عنها ، فقال : مسجد السهلة ، وفجأة غاب عن ناظري ، فجئت الى قرب والدي ، فقلت له : من أيّ جهة ذهب هذا الشخص الذي تكلّم معي؟ (كنت اريد أن أعرف أنّه هل رآه عليهالسلام أم لا؟) قال : لم يجيء أحد إلى هنا ، ولم أنظر وعلى مدّ بصري في هذه البادية أحدا ، قلت : اركبوا لنذهب ، قال : ما ذا تفعل مع الجمل؟ قلت : اترك أمره لي ، فركبوا وأنا أيضا ركبت الجمل ، فنهض وجعل يسير بسرعة وتقدّم عليهم مسافة ، فناداني المكاري : إنّا لا نستطيع أن نلحق بك مع هذه السرعة ، والمقصود
__________________
(١) ما بين المعقوفتين من كلام الراوي للقصّة عن الشيخ محمّد الكوفي.