الصبح ، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم ، بين عينيه مكتوب : كافر ، يقرأه كلّ كاتب وأمّي ، يخوض البحار ، وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض يري الناس أنّه طعام ، يخرج حين يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أقمر ، خطوة حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلا منهلا ، لا يمرّ بماء إلّا غار إلى يوم القيامة ، ينادي بأعلى صوته ، يسمع ما بين الخافقين من الجن والإنس والشياطين ، يقول : إليّ أوليائي! أنا الذي خلق فسوّى وقدّر فهدى ، أنا ربّكم الأعلى ، وكذب عدوّ الله ، وإنّه أعور ، يطعم الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وإنّ ربّكم عزوجل ليس بأعور ، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. ألا وإنّ أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا ، وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله عزوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة «أفيق» لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلّي المسيح عيسى بن مريم عليهماالسلام خلفه ، ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى.
قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال : خروج دابّة [من] الأرض من عند الصفا ، معها خاتم سليمان بن داود ، وعصا موسى عليهمالسلام ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه : هذا مؤمن حقّا ، وتضعه على وجه كلّ كافر فينكتب : هذا كافر حقّا ، حتّى إن المؤمن لينادي : الويل لك يا كافر! وإنّ الكافر ينادي : طوبى لك يا مؤمن! وددت أنّي اليوم كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما. ثمّ ترفع الدابّة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جلّ جلاله ، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها ، فعند ذلك ترفع التوبة ، فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً).