لا يمكن تصديقه ، وهو منسوب زورا إلى الرسول عليهالسلام؟» (١).
هذا ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره في ردّ هذه الطائفة من الأخبار ، وتخطئة مخرّجيها المعتمدين عليها ، والمؤمنين بما فيها ، صحيح لا خفاء فيه ، لتضمّنها امورا يستحيل وقوع بعضها ، أو يكون مخالفا للأغراض المنطقيّة للنبوّات وحكمة الله تعالى في إرسال الرسل وإنزال الكتب وهداية الخلق وامتحانهم ، ومنافيا للطفه بعباده ، حتّى لا يكون للناس عليه حجّة ويهلك من هلك عن بيّنة ويحيي من حيّ عن بيّنة.
مضافا إلى ذلك يجب ترك هذه الأخبار وإن كانت مخرّجة في أصحّ كتبهم وأشهرها ؛ كالبخاري ومسلم والمسند ، بضعف إسناد جلّها لو لا الكلّ عندنا ، وأمثال هذه الروايات ممّا يردّه العقل في صحاحهم ومسانيدهم وغيرها كثيرة جدّا ، ينفى صدورها عن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي أرسله الله تعالى بالدين الواضح ، والطريق اللائح ، الدين الحنيف الّذي وصفه الله سبحانه فقال : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) (٢) ، وقال : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (٣).
وينبغي هنا بيان تنبيهات :
الأوّل : الظاهر أنّه ـ كما أشرنا إليه ـ قد اتّفق كلمات السلف من العامّة إلّا الشاذّ منهم على أنّ الدجّال شخص بعينه ، يخرج في آخر الزمان.
قال الكرماني (شارح صحيح البخاري) : «هو شخص بعينه ، ابتلى الله به عباده ، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى ، من إحياء
__________________
(١) نهاية البداية والنهاية : ج ١ ، ص ١١٥.
(٢) الروم : ٣٠.
(٣) يوسف : ١٠٨.