صحيحا إلّا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت» (١) ، وهذا الّذي نطق به الإمام هو المستفاد من حديث الثقلين الدالّ على عدم افتراق الكتاب والعترة ، وعدم خلوّ الزمان من عالم من أهل البيت عليهمالسلام ، معصوم عن الخطأ.
التنبيه الرابع : لا يخفى عليك أنّ كثيرا من أصحاب النهضة الحديثة الّتي وقع أربابها تحت نفوذ المدنيّة الغربيّة برقائها الماديّ والصناعي ، سعوا في تطبيق الدعوة الإسلاميّة المؤسّسة على الإيمان بالله وتأثير عالم الغيب في عالم الشهادة على المدنيّات الغربيّة الّتي تأسّست على قواعد ماديّة لم يؤمن مؤمنوها بما وراء المحسوسات وما لا يدرك بحواسنا الماديّة ، بتأويل الآيات والأحاديث الّتي لا توافق مضامينها الأوضاع الماديّة والظواهر الطبيعيّة ، ففسّروها بما لا يقع مورد استنكار الناشئة الجديدة المؤمنين بالعلل والمعلولات الماديّة ، الّذين لا يعرفون من عالم الغيب شيئا ، وأصمّت المادّة أسماعهم ، وأعمت أبصارهم ، وقد كان عليهم أن يقتبسوا من كتاب الله تعالى ، ويجعلوه أمامهم يهتدوا بهداه ، حيث لم يعتن باستبعاد الكفّار واستغرابهم حشر الأجساد ، فلم يتنازل عمّا جاء به ، بل قرّره وأثبته وحقّقه ، فقال عزّ من قائل ، حكاية عن استنكارهم واستغرابهم : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٢) ثم ردّ عليهم بقوله تعالى : (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٣) ، وقال تعالى شأنه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ
__________________
(١) بصائر الدرجات : ج ١ ص ١٠ ح ٤ ، البحار : ج ٢ ص ٩٢ ح ٢٠.
(٢) الإسراء : ٤٩.
(٣) الإسراء : ٥٠.