بالتشكيك في ثبوت الأحاديث مهما كثرت رواتها ، والعبث في معنى الآيات ، لا لكون الأحاديث غير ثابتة في الحقيقة من طريق نقد الحديث المعروف عند علمائه ، أو لكون الآيات غير ظاهرة الدلالة ، بل لعقيدة راسخة في قلب الرافض تدفعه إلى إنكار المعجزات وسائر المغيبات أينما ورد ذكرها.
وقد أسلفنا في هذا الباب (الثالث) الكلام عن أصل هذا المرض الّذي يجعل التشكيك في صحّة الأحاديث والعبث في تأويل الآيات سهلا على المنكرين. وعقل الشيخ شلتوت الّذي لا يقبل معجزة الرفع والنزول لعيسى يقبل أنّ المحدّثين كذبوا في سبعين حديثا رووها في نزوله ، كما أخطأ المتكلّمون في قبول تلك الأحاديث سندا لعدّة من أشراط الساعة ، كما أنّ المفسّرين أخطئوا في فهم معنى الآيتين الدالّتين على الرفع والآيتين الدالّتين على النزول ، وإنّما أصاب الشيخ شلتوت في مقابل المخطئين ، وصدق في مقابل الكاذبين!
وكنّا كتبنا في صدر هذا الباب شيئا كثيرا يتعلّق بهذه المسألة ، وأرجأنا النظر في آيات الرفع والنزول إلى محلّ مناسب ، فنقول : ولعدم كون الشيخ في مذهب اليهود والنصارى بشأن سيّدنا المسيح بل في مذهب المادّيّين ، لم يعترض على عقيدة المسلمين المأخوذة من قوله تعالى : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) ، وإنّما اعترض على عقيدتهم المستندة إلى قوله تعالى : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ).
وكان هذا الشيخ أنكر من قبل وجود الشيطان كشخص حيّ من شأنه أن يفعل الأفعال المذكورة له في القرآن ، ويتّصف بأوصاف متناسبة مع تلك الأفعال ، وكان المانع عنده عن وجود الشيطان هو عين المانع عن