إليه» ضدّ ما قبله وهو قوله «ما قتلوه» ، بناء على أنّ رفع الروح يلتئم كما قلنا من قبل مع حالة القتل أيضا الّذي اعتني بنفيه ، فضلا عن أنّ هذا الرفع ـ أي رفع الروح ـ ليس بأمر يستحقّ الذكر في شأنه عليهالسلام.
بل إنّ قوله : (مُتَوَفِّيكَ) أيضا ممّا لا وجه لذكره إذا كان المعنى : مميتك ، ففي أيّ زمان تقع هذه الإماتة؟ فإن وقعت حالا ، أي في زمان مكر أعدائه به المذكور قبيل هذه الآية ، كان هذا الكلام المتوقّع منه طمأنته عليهالسلام على حياته أجنبيّا عن الصدد ، بل مباينا له ؛ لأنّ فيه اعترافا ضمنيّا لنفاذ مكرهم بأن يكونوا قاتليه والله قابض روحه ، فهل فضيلة الشيخ شلتوت ينكر أنّهم ما قتلوه كما ينكر أنّ الله رفعه إلى السماء حيّا؟ وإن وقعت إماتته في المستقبل البعيد فليس في الآية تصريح به مع أنّ مقام الطمأنة يقتضي هذا التصريح ، كما أنّه يقتضي كون الرفع رفعه حيّا ، فحيث لا تصريح بكون إماتته في المستقبل البعيد ، فقوله : «إنّي متوفّيك» على معنى : إنّي مميتك ، أجنبيّ عن المقام ، حتّى إنّ توجيه العالم الكبير حمدي الصغير صاحب التفسير الكبير الجديد التركي ، بكون ذكر إماتته ردّا على عقيدة النصارى في تأليه المسيح ، لا يجدي في دفع هذا الاعتراض ؛ لكون ذلك الردّ أيضا أجنبيّا عن المقام الّذي هو مقام الطمأنة والّذي ينافيه كلّ ما ينافيها. فالواجب الّذي لم يحسّ بوجوبه أحد ممّن تكلّم قبلي ، واطّلعت عليه في تفسير قوله تعالى : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) إحساسي به ، حمل (مُتَوَفِّيكَ) على معنى : آخذك تماما ، السالم عن جميع الاعتراضات والتكلّفات.
وقس عليه التوفّي في آية المائدة ، وهي قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ