ألين ولا ألذّ ولا أذكى رائحة منه.
ثمّ إنّي نظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب لم تختلط ، فقلت له : جعلت فداك ، ما رأيت كاليوم قطّ ، ولا ظننت أنّ الأمر يبلغ هكذا !
فقال عليهالسلام لي : « هذا أقلّ ما أعدّه الله لشيعتنا ، إنّ المؤمن إذا توفّي صارت روحه إلى هذا النهر ، فرعت في رياضه ، وشربت من شرابه ، وإنّ عدوّنا إذا مات صارت روحه إلى برهوت فأخلدت في عذابه ، وأطعمت من زقّومه ، وأسقيت من حميمه ، فاستعذ بالله من ذلك الوادي » (١).
__________________
(١) رواه المفيد في الاختصاص : ص ٣٢١ عن الحسن بن أحمد بن سلمة اللؤلؤي ، عن الحسن بن علي بن بقّاح ، عن عبد الله بن جبلة ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الحوض ؟ فقال لي : « هو حوض ما بين بصرى إلى صنعاء ، أتحبّ أن تراه » ؟ فقلت له : نعم.
قال : فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظهر المدينة ، ثمّ ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري من جانبه ، هذا ماء أبيض من الثلج ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج ، وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت ، فما رأيت شيئاً أحسن من تلك الخمر بين اللبن والماء ، فقلت له : جعلت فداك ، من أين يخرج هذا ، ومن أين مجراه ؟
فقال : « هذه العيون الّتي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة ، عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر ، يجري في هذا النهر ».
ورأيت حافتيه عليهما شجر فيهنّ جوارٍ معلّقات برؤوسهنّ ما رأيت أحسن منهنّ ، وبأيديهنّ آنية ما رأيت أحسن منها ، ليست من آنية الدنيا ، فدنا من إحداهنّ فأومأ إليها بيده لتسقيه ، فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر ، فمال الشجر فاغترفت ثمّ ناولته فشربت ، ثمّ ناولها وأومأ إليها ، فمالت الشجرة معها فاغترفت ، ثمّ ناولته فناولني فشربت ، فما رأيت شراباً كان ألين منه ولا ألذّ ، وكانت رائحته رائحة المسك.
ونظر في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب ، فقلت له : جعلت فداك ، ما رأيت كاليوم قطّ ، وما كنت أرى الأمر هكذا !
فقال : « هذا من أقلّ ما أعدّه الله تعالى لشيعتنا ، إنّ المؤمن إذا توفّي صارت روحه إلى هذا النهر ، ورعت في رياضه وشربت من شرابه ، وإنّ عدوّنا إذا توفّي صارت روحه إلى وادي برهوت فأخلدت في عذابه وأطعمت من زقّومه وسقيت من حميمه ، فاستعيذو بالله من ذلك