" أو تكنه" يعني تكن الخمر الزبيب : " فإنّه أخوها" يعني الزّبيب أخو الخمر ، لأنّهما من شجرة واحدة.
وأما أبو الأسود الدؤلي ، فإن أهل البصرة يقولون : " الدّؤليّ" ، بضم الدّال ، وفتح الهمزة وهو من الدّئل بن بكر بن كنانة. وفتحت الهمزة ، كما قالوا في النّمر : نمريّ. وكان ابن حبيب يقول : الدّيل من كنانة ، والدّئل مهموز مضموم ، على مثال : فعل : الدئل بن محلّم بن غالب بن يثبع بن الهون بن خزيمة بن مدركة. وجماعة من النحويين منهم الكسائي ، يقول : الدّيليّ.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن أبي سهل الحلواني ، قال : سمعت أبا سعيد الحسن بن الحسين السكّريّ ، يقول : حدثنا العباس بن محمد الجمحي ، قال : حدثنا محمد بن سلام بن عبيد الله ، قال : قال يونس : هم ثلاثة : الّدول من حنيفة ، ساكن الواو ، والدّيل في عبد القيس ، ساكن الياء ، والدّئل في كنانة رهط أبي الأسود ، الواو مهموزة ، فهو أبو الأسود الدؤلي. هذا قول عيسى بن عمر من البصريين.
وأما قوله : " كائن ومكون" ، فالكائن اسم الفاعل من كان ؛ لأنك إذا قلت : " كان زيد قائما" جاز أن تقول : " زيد كائن قائما" ، وأما" مكون" فهو لما لم يسمّ فاعله ، غير أنّ" كان" لا يجوز نقلها إلى ما لم يسّمّ فاعله ، بأن يقام الخبر مقام الاسم ؛ لأنّا إذا قلنا : " كان زيد أخاك" فزيد والأخ لا يستغنى أحدهما عن الآخر ، كالمبتدأ والخبر ، فلا يجوز أن تحذف زيدا ، فيبقى الخبر منفردا ، وقد كان لا يجوز استغناؤه عن الاسم ، كما أنك لا تقول : " حسبت زيدا" ، ولا تأتي له بخبر ؛ لأن كان وحسب جميعا إنما يدخلان على اسم وخبر ، ولكن الوجه الذي يصح منه" مكون" أن تحذف الاسم والخبر جميعا ، وتصوغ كان لمصدرها ، وذلك المصدر ينوب مناب الاسم والخبر ، ويكون الاسم والخبر تفسيرا له ، فتقول : " كين الكون زيد منطلق" ، فالكون اسم ما لم يسمّ فاعله لكين ، وزيد منطلق جملة هي تفسير الكون ، ألا ترى أنه لو قال قائل : " هل كان زيد منطلقا" ، لقلت :
" قد كان ذاك". وإنما تريد : قد كان ذلك الكون ، فيفهم المخاطب بذلك أنّ زيدا منطلق ، وكذلك إذا قلت : " كان زيد منطلقا كونا" ثم نقلته إلى ما لم يسمّ فاعله ، أقمت الكون مقام الفاعل ، وجعلت الجملة تفسيرا للكون ، فقلت : " كين الكون زيد منطلق". ويجوز إضمار الكون ؛ لدلالة الفعل عليه ، إذ كان مصدرا ، فتقول : " كين زيد منطلق"