كان اليوم الذي يقع فيه القتال. وبعض العرب يقول : " إذا كان يوم ذو كواكب أشنعا" ، فيجعل" كان" بمعنى وقع ، ويجعل" أشنعا" على الحال. وقد يجوز أن يكون" أشنعا" خبرا.
قال سيبويه : " واعلم أنه إذا وقع في هذا الباب نكرة ومعرفة ، فالذي تشتغل به كان المعرفة ؛ لأنّه حدّ الكلام ؛ لأنهما شيء واحد".
يعني أنك إذا قلت : " كان زيد قائما" ، فالوجه أن ترفع" زيدا" وتنصب" قائما" ؛ لأن" زيدا" و" قائما" شيء واحد ، وزيد هو معرفة ، وقائم نكرة ، وحدّ الكلام أن تخبر عمّن يعرف بما لا يعرف ؛ لأنّ الفائدة هي في أحد الاسمين ، والآخر معروف لا فائدة فيه ، والذي فيه الفائدة هو الخبر ، فالأولى أن يجعل زيدا المعروف هو الاسم وتجعل المنكور هو الخبر ، حتى يكون مستفادا ، فليس يحسن إذن أن تقول : " كان قائم زيدا" ولا يشبه هذا" ضرب رجل زيدا" ؛ لأنك إذا قلت" ضرب رجل زيدا" فإنما أخبرت عن رجل بالضرب الواقع منه بزيد ، ولو نصبت رجلا ورفعت زيدا انعكس المعنى ، وصار المفعول فاعلا ؛ لأنهما شيئان مختلفان.
وقال : " وهما في كان بمنزلتهما في الابتداء إذا قلت : عبد الله منطلق".
يعني أن اسم كان وخبره كالمبتدأ وخبره في أن الخبر فيهما نكرة ، والاسم معرفة.
ثم مثل فقال : " وذلك قولك : كان زيد حليما ، وكان حليما زيد ، لا عليك قدمت أم أخّرت ، إلا أنه على ما وصفت لك".
يعني أنك تنصب الخبر المنكور وإن قدّمته ، كما جاز تقديم المنصوب في قولك : " ضرب زيد عبد الله".
قال : " فإذا قلت : كان زيد ، فقد ابتدأت بما هو معروف عنده مثله عندك".
يعني ابتدأت بالاسم الذي يعرفه المخاطب ، كما تعرفه أنت ، فإنّما ينتظر الخبر الذي لا يعلمه وتستفيده ، فإذا قلت : حليما ، فقد أعلمته مثل ما علمت مما لم يكن يعلم ، ولو قلت : كان حليما ، فقد استفاد وقوع حلم لا يدرى لمن هو ، فإنما ينتظر صاحبه ، فإذا قلت زيد علم أن الحلم الذي قد استفاد وقوعه لزيد هذا المعروف ، فهو جائز وإن كان مؤخّرا في اللفظ.
ثم قال : " وإن قلت : كان حليم أو رجل فقد ابتدأت بنكرة فلا يستقيم أن تخبر المخاطب عن المنكور ، وليس هذا بالذي ينّزّل به المخاطب منزلتك في المعرفة ،