أباك ، إذا جعلت (من) الفاعل ، ومن ضرب أبوك ، إذا جعلت الأب الفاعل وإذا قلت : من كان أخاك ، فمن مبتدأة وهي استفهام ، ولا يحتاج إلى صلة ، وفي ضمير من وهو اسم كان ، وأخاك الخبر".
وقول سيبويه : " جعلت (من) الفاعل" يريد ضمير من وإذا قلت : من كان أخوك فأخوك اسم كان ومن خبر كان ، وهي في موضع نصب ، وليس في الكلام ضمير ، وهو بمنزلة" قائما كان زيد" إلا أن من لا تكون إلا صدرا لأنها استفهام.
قال سيبويه : " وكذلك : أيهم كان أخاك وأيهم كان أخوك" وتفسيره كتفسير من.
قال سيبويه : " وتقول : ما كان أخاك إلا زيد ، كما تقول : ما ضرب أخاك إلا زيد".
يريد أن دخول (إلا) لم يغيّر اللّفظ عن منهاجه في الإعراب ، وإنما دخلت لتغيير معنى النفي. ومن الحروف ما يدخل لتغيير المعنى من غير أن يحدث في اللفظ تأثيرا ، كقولك : هل زيد قائم؟ وأزيد قائم؟ ولم تغيّر (هل) و (الألف) مع إحداثهما معنى الاستفهام لفظ الابتداء والخبر.
قال : " ومثل ذلك قوله تعالى : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا)(١) و (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا)(٢) ، فإن وما بعدها بمنزلة المصدر ، فكأنه قال : "إلا قولهم".
وقال الشاعر :
وقد علم الأقوام ما كان داءها |
|
بثهلان إلا الخزي ممّن يقودها (٣) |
وإن شئت قلت : ما كان داؤها إلا الخزي وقرأ بعض القراء : "ما كان حجّتهم" و "ما كان جواب قومه".
قال سيبويه : " ومثل قولهم : من كان أخاك قول العرب : ما جاءت حاجتك كأنه قال : ما صارت حاجتك ، ولكنّه أدخل التأنيث على ما حيث كانت الحاجة ، كما قال
__________________
(١) سورة الجاثية ، آية : ٢٥.
(٢) سورة الأعراف ، آية : ٨٢.
(٣) البيت بلا نسبة في سيبويه ١ / ٢٤ ، وابن يعيش ٧ / ٩٦.