ينبغي أن يقول : " يسبقه شيء" فيضمر.
وقوله : إذا الوحش ضم الوحش : " الوحش" الأول مرفوع بفعل مضمر هذا الظاهر تفسيره : كأنه قال : إذا ضم الوحش ضمه سواقط من حرّ. على ما لم يسم فاعله كما قال :
ليبك يزيد ضارع لخصومة
فهما في جملة واحدة ؛ لأن الأول لا يستغني بنفسه ، فقد كان ينبغي أن يضمر ولا يظهر.
ومن الناس من يقول : " الوحش" الأول مرفوع بالابتداء ، و" ضم الوحش في ظللاتها". خبر ، و" سواقط" : فاعل" ضم" ، فكأنه قال : " زيد ضرب زيدا عمرو". وقد بينا أنه بمنزلة قولك : " زيد ضربه عمرو".
واستشهد لاختيار الرفع فيما اختاره فيه بقول الفرزدق :
لعمرك ما معن بتارك حقّه |
|
ولا منسئ معن ولا متيسر (١) |
ومعنى الثاني هو الأول ، وهو بمنزلة قوله : " ما زيد ذاهبا ولا محسن زيدا".
وللمعترض أن يقول : الفرزدق تميمي ، وهو يرفع خبر" ما" على كل حال ، مكنيّا كان أو ظاهرا. ألا ترى أن الفرزدق من لغته أن يقول : " ما معن تارك حقه ولا منسئ هو" فالظاهر والمكني على لغته سواء.
قال سيبويه : (وإذا قلت : " ما زيد منطلقا أبو عمرو" ، " وأبو عمرو أبوه" ـ لم يجز ـ لأنك لم تعرفه به ولم تذكر له إظهارا ولا إضمارا ، فهذا لا يجوز ؛ لأنك لم تجعل له فيه سببا).
يعني : أن : " أبا زيد" إذا كانت كنيته أبا عمرو ، لم يجز أن تقول : " ما زيد منطلقا أبو عمرو" ، كما جاز" ما زيد منطلقا أبوه" ؛ لأن في" أبوه" هاء تعود إلى" زيد" ، وليس في" أبو عمرو" ما يعود إلى" زيد" ، وإن كان" أبو عمرو" أباه ، ولا يشبه هذا قولك : " ما زيد منطلقا زيد" ؛ لأن" زيدا" الثاني هو لفظ" زيد" الأول : فكان بمنزلة ضميره على ما قدمنا ، فلا يجوز أن يكون خبر الأول إلا ما كان فيه ضمير يعود إليه ، أو كان الظاهر معادا بعينه.
__________________
(١) البيت للفرزدق. الديوان : ٣٨٤ ، الخزانة ١ / ١٨١ ، آمالي القالي ٧ / ٧٢.