فقول سيبويه : (" ما زيد منطلقا أبو عمرو" غير جائز ، ولأنك لم تعرفه به).
يعني : لم تعرف الأب بزيد. فتقول : أبوه أو أبو" زيد".
(ولم تذكر له إظهارا ولا إضمارا).
يعني : ولم تذكر لزيد.
قال : (وتقول : " ما أبو زينب ذاهبا ، ولا مقيمة أمها" ، فترفع ؛ لأنك لو قلت : " ما أبو زينب مقيمة أمها" لم يجز ؛ لأنها ليست من سببه).
قال أبو سعيد : قوله : " ما أبو زينب ذاهبا" ، " أبو" : اسم : " ما" ، وهو مضاف إلى زينب و" ذاهبا" خبره ، والهاء التي في" أمها" تعود إلى" زينب" ، و" زينب" ليست هي اسم" ما" و" أمها" أجنبية من اسم" ما" ، فصار بمنزلة قولك : " ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة هند" الرفع لا غير ، وقد تقدم هذا.
قال : (ومثل ذلك قول الأعور الشني :
هوّن عليك فإنّ الأمور |
|
بكف الإله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها (١) |
لأنه جعل المأمور من سبب الأمور ، ولم يجعله من سبب المذكر وهو المنهي) ، والشاهد في البيت الثاني.
قال أبو سعيد : قوله : منهيها اسم ليس ، والضمير الذي فيها ضمير المأمور ، فكأنه قال : " ليس بآتيك منهي الأمور" ، وخبره : " ليس بآتيك.
وقوله : و" لا قاصر عنك مأمورها"." مأمور" ، مضاف إلى الأمور ، وليس بمضاف إلى اسم" ليس" ، فهو أجنبي منه ، فصار بمنزلة قولك : " ما أبو زينب ذاهبا ، ولا مقيمة أمها" ؛ لأن" الأم" لم تضف إلى اسم" ما". غير أن النصب في" قاصر عنك مأمورها" جائز ، ولا يجوز في : " مقيمة أمها" في المسألة الأولى : وذلك أن خبر ليس إذا تقدم نصب ، فكذلك إذا عطفت جملة على ليس ، وقد تقدم الخبر منها ، جاز أن يكون منصوبا ، وإن لم يكن فيها ما يعود إلى الأول. ألا ترى أنك تقول : " ليس زيد قائما ، ولا منطلقا عمرو" ،
__________________
(١) البيتان للأعور الشني : الخزانة ٢ / ١٣١ ـ المغني ١ / ١٤٦ ، ٢ / ٧٨٧ الدرر اللوامع ١ / ١٠٢ ، ٢ / ٢٣.