كما تقول : " ليس منطلقا عمرو".
فإن قال قائل : فقد ذكر سيبويه في المسألة الأولى ، فقال :
(تقول : " ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة أمها" ، فترفع ؛ لأنك لو قلت :
" ما أبو زينب مقيمة أمها" لم يجز ؛ لأنها ليست من سببه).
ثم قال : (ومثل ذلك قول الأعور الشنيّ) ؛ فأنشد البيت مستشهدا لإبطال النصب ، والنصب في البيت جائز سائغ.
فإن في ذلك جوابين :
أحدهما : أنه أنشد البيت ؛ ليرينا كيف حكم" ما" لو كانت مكان" ليس" في البيت الذي أنشده ، وهذا يحكى عن أبي العباس.
والجواب الثاني : ـ وهو أرضاهما عندي ـ أنه أنشد البيت ؛ ليرينا أن الجملة الثانية غريبة من الجملة الأولى ، لما لم يكن الضمير الذي من الجملة الثانية ضمير الاسم الأول ، وإنما هو ضمير ما أضيف إليه كما قال ذلك في المسألة الأولى.
قال سيبويه : (وجرّه قوم ، فجعلوا المأمور للمنهي ، والمنهي هو الأمور ؛ لأنه من الأمور فهو بعضها).
قال أبو سعيد : أعلم أن سيبويه لا يجيز" ليس زيد بقاعد ولا قائم عمرو". وتجويز" ليس زيد بقاعد ولا قائم أبوه".
فأما إبطاله" ليس زيد بقاعد ولا قائم عمرو" لأنه لا يرى العطف على عاملين ، ومتى أجاز ذلك كان عطفا على عاملين. ومعنى ذلك أنك إذا قلت : " ليس زيد بقائم" ، " فزيد" : مرتفع" بليس" و" قائم" مجرور بالباء ، و" الباء وليس" عاملان ، أحدهما عمل الرفع والآخر عمل الجر. فإذا قلت : " ولا قائم عمرو" ، فقد عطفت" قائما" على" قاعد" ، وعامله الباء ، وعطفت" عمرو" على اسم" ليس" وعامله" ليس". فقد عطفت على شيئين مختلفين ، ومثل ذلك في الفساد" قام زيد في الدار والقصر عمرو".
فإن قال قائل : وما الذي أبطل العطف على عاملين؟
قيل له : حرف العطف يقوم مقام العامل ، ويغني عن إعادته ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : " قام زيد وعمرو" كان بمنزلة قولك : " قام زيد. قام عمرو" ، فلما كان حرف العطف كالعامل : والعامل لا يعمل رفعا وجرا ، لم يجز أن تعطف بحرف واحد على عاملين