فإذا كان الظرف متمكنا ، وشغلت الفعل الناصب له بضميره عنه ، رفعته كما ترفع" زيدا" ، إذا شغلت الناصب له عنه فقلت : " يوم الجمعة ألقاك فيه" كما تقول : " زيد أضربه" ، " وعمرو أتكلم فيه".
واعلم أن الظروف المتمكنة إذا نصبت كان لك في نصبها وجهان : أحدهما : أن تنصبها من طريق الظرف ، فيكون مقدرا ل" في" وإن كانت محذوفة ، ألا ترى أنك لمّا حذفتها وصل الفعل فنصب.
والوجه الثاني : أن تقدر وصول الفعل إليها بلا تقدير" في". وهذا هو المفعول على سعة الكلام.
فإذا شغلت الفعل عنه وقد قدرته تقدير الظرف قلت : " يوم الجمعة قمت فيه" ، وإن كان بتقدير المفعول على سعة الكلام ، أضمرت من غير" في" ، كقولك : " يوم الجمعة ألقاكه" ، و" مكانكم قمته".
قال الشاعر :
ويوم شهدناه سليما وعامرا |
|
قليل سوى الطّعن النّهال نوافله (١) |
أراد : شهدنا فيه. وجعله مفعولا على سعة الكلام.
قال سيبويه : بعد الفصل الأول : (فكأنك قلت : " يوم الجمعة مبارك" و" مكانك حسن" وصار الفعل).
الذي هو" ألقاك فيه" ، " وقمت فيه".
(في موضع هذا) يعني صار الفعل في موضع الخبر كما أنك إذا قلت : " يوم الجمعة مبارك ، ف" مبارك" خبر ؛ كما أنك إذا قلت : " زيد ضربته" بمنزلة" زيد منطلق".
(وإنما صار هذا هكذا ، حين صار في الآخر إضمار اليوم والمكان).
قال أبو سعيد : يعني : حين اشتغل الفعل بضميرهما ، فلم يصل إليهما ، ورفع بالابتداء ، كما رفع" زيد" إذا قلت : " زيد ضربته".
قال : (فخرج من أن يكون ظرفا ، كما يخرج إذا قلت : " يوم الجمعة مبارك").
__________________
(١) البيت لرجل من بني عامر : الأعلم ١ / ٩٠ ـ الكامل للمبرد ١ / ١٣٩ ـ أمالي ابن الشجري ١ / ٦٠.