شيء هو بالفعل ، وتقديمه أولى ، إلا أنك إن شئت نصبته كما نصبت" زيدا ضربته" ، فهو عربي جيد. وأمره ها هنا على حد قولك : " زيد ضربته").
قال أبو سعيد : اعلم أن سيبويه ومن ذهب مذهبه ، إذا حال بين حرف الاستفهام وبين الاسم الذي وقع الفعل على ضميره باسم آخر ، ولم يكن من سببه ، جعل ذلك الاسم الحائل بينهما مخرجا للاسم الذي بعده عن حكم الاستفهام الذي من أجله يختار النصب فيه بإضمار فعل ، فلم يجز النصب في" عبد الله" ، إذا قلت : " أأنت عبد الله ضربته؟ " ؛ لأن" عبد الله" لم يل حرف الاستفهام كما وليه في قولك : " أعبد الله ضربته؟ " ، وحال أنت" بين ألف الاستفهام وبين" عبد الله" ، فصار" عبد الله" كأنه مبتدأ ليس قبله حرف استفهام كقولك : " عبد الله ضربته" ومن قال : " عبد الله ضربته" في الابتداء ، وليس بالاختيار ، قال ها هنا : " أأنت عبد الله ضربته" ، وإن لم يكن الاختيار على تقدير" أأنت ضربت عبد الله ضربته". كما تقول : " عبد الله ضربته" على تقدير : " ضربت عبد الله ضربته" ويجب على مذهب سيبويه أن ترفع" أنت" بالابتداء لا غير في هذا الموضع.
فإن قال قائل : لم لا ترفع" أنت" بفعل مضمر ، لأن له ضميرا في الفعل مرفوعا وهو التاء في" ضربته" ، فيصير التقدير : " أضربت عبد الله ضربته؟ ".
وقد قال سيبويه في فصل قبل هذا : (ويكون المضمر ما يرفع كما أضمرت في الأول ما ينصب بعد قوله : " أعبد الله ضرب أخاه زيد". والظاهر من هذا أنه يرفع" عبد الله" بإضمار فعل ، كما ينصبه بإضمار فعل ، إذا قلت : " أعبد الله ضرب أخاه زيد") فوجب أن ترفع" أنت" بفعل يوقعه على" عبد الله" على ما ذكرنا.
قيل له : بينهما فرق ، وذلك أنّا إذا قلنا : " أعبد الله ضرب أخوه زيدا" ، و" عبد الله" يلي حرف الاستفهام ، والفعل الذي يعمل في سببه الرفع متصل به ولا فاصل بينهما ، فهو بمنزلة قولك : " أعبد الله ضربت أخاه" في أن الاسم يلي حرف الاستفهام ، وبعده الفعل الواقع بسببه متصلا بلا فاصل ، وإذا قلنا : " أأنت عبد الله ضربته" ، فبين" أنت" ، وبين الفعل الذي فيه ضميره" عبد الله" يصح أن يكون مبتدأ فاصلا بين" أنت" وبين الفعل فلم يكن بنا حاجة إلى إضمار فعل ل" أنت" ؛ لأن فعله لم يله ، وقد فصل بينه وبينه ، وقد كنا بيّنا أن قوله : " أعبد الله ضرب أخوه زيدا" ، يجوز رفعه بالابتداء ، ويكون كلاما مختارا ، ويكون بينه وبين قولنا : " أعبد الله ضربته" فرق ؛ لأن" عبد الله" إذا رفعناه بالابتداء أو بإضمار