" كل" مبتدأ ، و" زيد" مبتدأ ثان ، و" تضربه" خبر زيد ، و" زيد" وما بعده خبر" كل".
قيل له : هذا جائز ، وإنما كلامنا على الاختيار ، فإذا قدرنا هذا التقدير لاتصل ضمير" كل" ب" في" ، وهي في موضع نصب ، فوجب اختيار نصب" كل" ؛ لاتصال ضميره بالمنصوب.
وبيّن سيبويه أن وقوع الظرف بين ألف الاستفهام ، وبين الاسم لا يمنعه الحكم الأول ، وكان الاسم هو الذي بعد حرف الاستفهام ، والظرف ملغي ، كما كان ذلك في قولك : " ما اليوم زيد ذاهبا" ، و" إن اليوم عمرا منطلق" ، كأنك قلت : " ما زيد ذاهبا اليوم" ، و" إن عمرا منطلق اليوم".
قال : (ويقولون : " أعبد الله أخوه تضربه" ، كما تقول : " أأنت زيد ضربته").
فترفع" عبد الله" بالابتداء ، و" أخوه" ابتداء ثان ، والهاء تعود إلى" الأخ" ، وفي" تضربه" ضمير فاعل من" عبد الله" ، وصار" عبد الله" حاجزا بين ألف الاستفهام وبين الأخ ، كما بينا ذلك في قولك : " أأنت زيد ضربته" ، وإن نصبته على حد قولك : " زيدا تضربه" ، قلت : " أزيد أخاه تضربه" فترفع" زيدا" بالابتداء على ما بينا ، وتنصب" الأخ" بفعل ، هذا الظاهر تفسيره ، كأنه قال : " أزيد يضرب أخاه يضربه" ؛ لأن" الأخ" قد صار بمنزلة اسم مبتدأ ليس قبله شيء ؛ لحيلولة" زيد" بينه وبين حرف الاستفهام.
قال أبو الحسن : " أزيد أخاه يضربه" ، الوجه النصب ؛ لأن" زيدا" ينبغي أن يرتفع بفعل مضمر وذلك الفعل يقع على أخيه ، وقد بينا هذا من قوله : في قولك : " أأنت عبد الله ضربته". قال : وأما" أزيد أخوه تضربه" فليس الفعل من" زيد" في شيء ؛ لأنه إنما وقع ها هنا على الأخ. هذا قول الأخفش ومذهبه في هذه المسألة اختيار رفع" زيد" بالابتداء ؛ لأن" زيدا" لا فعل له في آخر الكلام ، فيضمر قبله فعل له ، ولا وقع بعده فعل ينصب ضميره فينصب. فالاختيار رفعه بالابتداء ، ورفع" الأخ" بابتداء ثان ، و" تضربه" خبر للأخ والجملة خبر لزيد ، وقد خرج" الأخ" من وقوع حرف الاستفهام عليه لفصل" زيد" بينه وبينها ، فصار بمنزلة المبتدأ ، كأنك قلت : " أخوك تضربه" ، وليس قبله كلام.
ومن قال في الابتداء : " زيدا ضربته" ، وإن لم يكن الاختيار لزمه أن ينصب" الأخ" ، فإذا نصبت" الأخ" نصبته بإضمار فعل ، كأنه قال : " تضرب أخاك تضربه". فإذا قال ذلك ، وجب أن يختار نصب" زيد" أيضا. لأنه نصب سببه الذي فيه ضمير يعود إليه ما بعده