فصار كأنه قال : " أزيدا ضربت أباه".
قال : فإن قال قائل : " أزيدا أخاه تضربه" ، فما الذي ينصب" زيدا" و" الأخ" أهما فعلان أم فعل واحد؟
فإن قلت : فعل واحد ، فكيف يستقيم هذا ومعناهما مختلف؟ لأن" زيدا" ليس بمضروب ، و" أخوه" مضروب ، ولا يجوز أن تضمر" لزيد" الضّرب ، كما أضمرناه للأخ ، ألا ترى أنا إذا قلنا : " أزيدا ضربت أخاه" ، فإنما تقدّر : " ألا بست زيدا ضربت أخاه" ، ولا تقدّر : " أضربت زيدا". وإن كان نصبهما بفعلين مختلفين فكيف يصير" تضربه" تفسيرا لفعلين مختلفين؟
ففي ذلك جوابان : أحدهما : أن هذا الفعل الواقع بضمير" الأخ" ، قد دل على الفعل الذي نصب" الأخ" ، فإذا دل عليه ، صار كالظاهر وعلم ما هو ، فإذا علم صار تفسيرا للفعل الذي نصب" زيدا" ؛ لأن ما علم فهو كالظاهر وتقدير هذا : أنا إذا قلنا : " أزيدا أخاه تضربه" ، نصبنا" زيدا ب لابست" ، ونصبنا" الأخ" ب" تضرب" ، فكأنا قلنا : " ألابست زيدا تضرب أخاه تضربه" ، " فتضربه" الثاني الذي وقع على ضمير الأخ ، قد دلّ على" تضرب" الذي نصب" الأخ" ، ودل" تضرب" الذي نصب" الأخ" على" لابست" الذي نصب" زيد" ، وهذا قول الأخفش.
وفيه قول ثان : وهو أنا قد رأينا الفعل الواحد قد يدل في حال على نظيره في اللفظ ، ويدل في حال أخرى على غير نظيره ؛ فمن ذلك أنك إذا قلت : " أزيدا ضربته" فتقديره : أضربت زيدا ضربته ، فدل" ضربته" على" ضربت" الذي هو نظيره. وإذا قلت : " أزيدا ضربت أخاه" ، فتقديره : " ألابست زيدا ضربت أخاه" ، فلم يدل" ضربت" على مثله ، إنما دل على" لابست" ، وإنما يدل على فعل يليق بمعنى الاسم الذي قبله ، فإذا قلت : " أزيد أخاه تضربه" ، دل تضربه على فعلين : فعل ينصب" الأخ" ، وفعل ينصب" زيدا" ، فيدل الضرب على ملابسة وضرب في حال واحدة ، كما دل على الملابسة والضرب في حالين مختلفين ، على حسب الأسماء التي قبله ، وقد يجوز أن تقول : " أعبد الله أخاه تضربه" ، كما قلت : " أعبد الله ضربت أخاه" ، والاختيار ما وصفناه.
قال سيبويه : (وقد يجوز الرفع في" أعبد الله مررت به" على ما ذكرت لك ، و" أعبد الله ضربت أخاه" وأما قولك : " أزيدا مررت به" ، فبمنزلة قولك : " أزيدا