منفصل ، والأسماء المنفصلة لا يمتنع تعدي فعلها إلى كل شيء من الأسماء. وقولنا : أزيدا لم يضربه إلا هو" ، و" أزيد لم يضرب إلا إياه" ، لو غيّرنا فقلنا : " أزيد لم يضرب إلا هو" حملا على" هو" و" أزيدا لم يضرب إلا إياه" ، حملا على" إياه" لصار تقدير الأول : " أزيد لم تضربه" ، وصار تقدير الثاني : " أزيدا لم يضرب" ، فيكون الأول : يتعدى ظاهره إلى ضميره ، والثاني يتعدى ضميره إلى ظاهره وكلاهما فاسد على ما بيّناه. و" اللحم" اسم منفصل غريب أجنبي عن الأول.
ثم قال : والأسماء المنفصلة يعمل فعلها في الأول ، فجرت كلها على ذلك ، كما تقول : " الدرهم أعطيه زيد" ، يريد : أن الأسماء المنقطعة الأجنبية من المفعول ، الغريبة منه ، يعمل فعلها في المفعول إذا تقدم ، سواء تعدّت أفعالها بحرف ، أو بغير حرف ، فيكون" آلخوان أكل عليه اللحم" ، بمنزلة قوله : " آلدرهم أعطيه زيد" ، وإن كان" أكل" إنما قد تعدى إلى ضمير" الخوان" بحرف ، و" أعطي" قد تعدّى إلى ضمير" الدرهم" بغير حرف ، كما أن قولك : " أزيدا مررت به" ، بمنزلة قولك : " أزيدا لقيته" ، وإن كان" المرور" متعديا بحرف ، و" اللقاء" بغير حرف.
قال : " فاللحم" اسم منفصل ، إلا أنه لا يقع على" الخوان" إلا بحرف جر ، والأسماء غير المنفصلة لم تجر مجراها ، لأن المنفصلة إن كان فيها ما لا يجوز أن يلفظ به ، فقد يكون من المنفصلة ما يلفظ به كثيرا ، على أن يعمل أحدهما في الآخر ، فشبهت ما لا يحسن في التقديم بهذا الذي يحسن ، وأما غير المنفصلة فلم يكن فيها شيء يشّبّه به.
قوله : (والأسماء غير المنفصلة لم تجر مجراها).
يعني : الأسماء المنفصلة الغريبة الأجنبية في التعدي إلى المفعول الذي هو غيرها ، لم تجر مجرى تعدي الأسماء إلى ضميرها ، وقد بينا هذا.
وقوله : لأن المنفصلة إن كان فيها ما لا يجوز أن يلفظ به ، فقد يكون من المنفصلة ما يلفظ به كثيرا ، على أن يعمل أحدهما في الآخر.
يعني : أن قولنا : " آلخوان أكل عليه اللحم" ، و" أزيدا مررت به" ، وما أشبه ذلك من الأفعال التي تتعدى بحرف ، وفاعلها منفصل من مفعولها : إن كان لا يجوز أن يلفظ به بحذف حرف الجدر ، ففي الأفعال ما يتعدى بغير حرف كقولك : " آلخوان ألزم اللحم" ، و" أزيدا لقي عمرو".