كقولك : " ضروب زيدا" ، و" ضرّاب أخاه ، و" منحار إبله" ، و" حذر أمرك" ، و" رحيم أباه" ، والتقديم في ذلك كله والتأخير ، والإضمار والإظهار جائز.
قال : (لو قلت : " هذا ضروب رؤوس الرجال" ، وسوق الإبل على : وضروب سوق الإبل ، جاز ، كما تقول : " هذا ضارب زيد وعمرا" تضمر : " وضارب عمرا").
ومثل هذا في الفعل : " مررت بزيد وعمر" ، تخفض الأول ثم تضمر فعلا في معناه تعديه إلى الثاني بغير حرف ، فكأنك قلت : " مررت بزيد ولقيت عمرا".
قال : (ومما جاء فيه مقدما مؤخرا على نحو ما جاء في فاعل قول ذي الرمة :
هجوم عليها نفسه غير أنه |
|
متى يرم في عينيه بالشّبح ينهض) (١) |
فعدى" هجوم" إلى" نفسه" ، كأنه قال : " يهجم نفسه عليها". يصف ظليما طرح نفسه على البيض ما لم ير إنسانا ، فإذا رأى إنسانا ، قام فتنحى حتى لا يهتدي للبيض.
(وقال أبو ذؤيب الهذلي :
قلى دينه واهتاج للشّوق إنّها |
|
على الشّوق إخوان العزاء هيوج) (٢) |
هذا البيت منسوب إلى أبي ذؤيب في نسخة كتاب سيبويه ، وهو غلط وإنما هو للراعي يريد : أن المرأة هيوج إخوان العزاء ، أي تهيجهم ، وتشوقهم ، وإخوان العزاء : ذوو الصبر ، فإذا كانت تهيج ذوي البصائر والصبر فهي لغيرهم أهيج ؛ يصف امرأة ، وأنها لو تراءت لراهب قلى دينه ، وذلك في بيت تاليه ، هذا البيت وهو قوله :
ليالي سعدى لو تراءت لراهب |
|
برومة بحر عنده وحجيج (٣) |
وقال القلاخ :
أخا الحرب لباسا إليها جلالها |
|
وليس بولاج الخوالف أعقلا (٤) |
أراد : لباسا جلالها.
قال : (وسمعت من العرب من يقول : " أما العسل فأنا شرّاب").
__________________
(١) الديوان ٣٢٤ ، الخزانة ٣ / ٤٥١.
(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في سيبويه ١ / ٥٦.
(٣) المصدر السابق.
(٤) البيت للقلاخ بن حزن المنقري ـ الخزانة ٣ / ٤٥١ ، الدرر اللوامع ٢ / ١٢٩ ـ ابن عقيل ٢ / ٨٦.