فنصب" العسل"." بشراب" ، كما يقول : " أما العسل فأنا شارب ، أو أنا أشرب".
قال :
(بكيت أخا اللأواء يحمد يومه |
|
كريم ، رؤوس الدّارعين ضروب) (١) |
أراد : ضروب رؤوس الدارعين ، فقدم كما يقدّم في" ضارب".
وقال : (أبو طالب ابن عبد المطلب):
ضروب بنصل السّيف سوق سمانها |
|
إذا عدموا زادا فإنّك عاقر) (٢) |
أراد : ضروب سوق سمانها بنصل السيف.
وقال : (وقد جاء في" فعل" وليس في كثرة ذلك. قال الشاعر :
أو مسحل شنج عضادة سمحج |
|
بسراته ندب لها وكلوم) (٣) |
قال أبو سعيد : اعلم أن النحويين قد خالفوا سيبويه في تعدي" فعل ، وفعيل" ، وجريهما مجرى الأفعال ، فقالوا : لا تتعدى ، ولا تعمل عمل الفعل. فلا يقال : " رجل حذر عمرا" ، ولا" زيد رحيم أخاه". وقالوا من قبل أن" فعيل ، وفعل" هما اسمان يبنيان للذات ، لا لأن يجريا مجرى الفعل ، فيكون كقولك : " رجل كريم ونبيل" و" رجل عجل ، ومغث ، ولقس" ، إذا كان ذلك في طبعه ، وأنشد سيبويه بيتين في تعدي" فعل" ، وبيتا في تعدي" فعيل".
وقد أنكر مخالفوه احتجاجه بالأبيات :
فأما البيت الأول ، فقوله : أو مسحل شنج عضادة سمحج ـ وهو للبيد ـ وموضع الاحتجاج : نصب" عضادة" ب" شنج" ـ فقال النحويون : انتصاب" عضادة" على الظرف ، لا على المفعول به ، ومعنى" عضادة" : القوائم ، " وشنج" لازم ، و" مسحل" : هو العير ، و" سمحج" : هي الأتان ، كأنه قال على مذهب النحويين : أو حمار لازم يمنة أتان ، أو يسرة أتان ، أو ناحية أتان على تقدير : لازم في ناحية أتان.
وقال المحتج عن سيبويه : شنج : في معنى لازم والعضادة : هي القوائم ، وهي لا تكون
__________________
(١) البيت بدون نسبة في سيبويه ١ / ١٥٧ ، الأعلم ١ / ٥٧.
(٢) ديوان أبي طالب الورقة ١١ ، الخزانة ٣ / ٤٤٦ ، الدرر اللوامع ٢ / ١٣٠.
(٣) البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ١٢٥ ، الخزانة ٣ / ٤٥١.