ظرفا ؛ كأنه قال : هو لازم قوائم سمحج. كما قال الآخر :
قالت سليمى لست بالحادي المدلّ |
|
ما لك لا تملك أعضاد الإبل (١) |
" فأعضاد" بمنزلة" عضادة" ، وقد نصبها" بتلزم". وشنج في معنى ذلك. والبيت الثاني في" فعل" قوله :
حذر أمورا لا تضير وآمن |
|
ما ليس منجيه من الأقدار |
فنصب" أمورا"" بحذر".
قال النحويون : هذا بيت لا يصح عن العرب ، ورووا عن أبي عثمان المازني عن اللاحقي عن الأخفش أنه قال : سألني سيبويه عن شاهد في تعدي" حذر" ، فعملت له هذا البيت. ويروى أيضا : أن البيت لابن المقفع.
وأما الشاهد في فعيل فقول ساعدة بن جؤيّة :
حتّى شآها كليل موهنا عمل |
|
باتت طرابا وبات الليل لم ينم (٢) |
فعدّى" كليل" إلى" موهن".
فقال النحويون : هذا غلط من سيبويه بيّن ، وذلك أن" الكليل" هو البرق ، ومعناه : البرق الضعيف : وكذا" رجل كليل" إذا كان ضعيفا ، وفعله لا يتعدى كقولك : كلّ. يكلّ ، ولا تقول : " كلّ زيد عمرا". و" الموهن" : الساعة من الليل ، فهو ينتصب على الظرف ، وإنما يصف حمارا وأتانا. و" شآها" : في معنى : شاقها ، يعني شاق هذه الحمير هذا البرق الضعيف في هذه الساعة من الليل ؛ حين نقلها من الموضع الذي كانت فيه ، إلى الموضع الذي كان منه البرق. و" عمل" : تعب كليل ، ومعناه : أن هذا البرق الضعيف كان يبدو مرة بعد مرة ، فذلك البدوّ عمل. وباتت الأتن طرابا وقد استخفها الشوق ، وبات الحمار لم ينم من الشوق أيضا ، والنزاع إلى الموطن.
وقد خرج لسيبويه أن" كليل" في معنى" مكل" ، ووزنه" مفعل" ، و" فعيل" في معنى الفعل المتعدي مثل" عذاب أليم" و" داء وجيع" ، إذا وضع بمعنى المؤلم والموجع ، والمؤلم
__________________
(١) البيت نسب إلى جبار بن جزء أخي الشماخ في ابن يعيش ٦ / ٧٣ ، الديوان ٣٨٩ ق ٢٤ / ١ ، والخزانة ٢ / ١٧٤.
(٢) البيت لساعدة بن جؤية في الخزانة ٣ / ٤٥٠ ـ ديوان الهذليين ١ / ١٩٨ ـ الأعلم ١ / ٥٨.