لفقيه : " ما تقول في تحريم المسكر؟ " فقال لك : " أنا أذهب إلى تحليل القليل منه" لكان معناه : أنا أعتقد هذا وأذهب إليه ، وكثر هذا المعنى فأجروه مجرى الظن. فإذا قالوا للمخاطب : " أتقول زيد عمرو منطلق" حكوا ؛ لأنه لم يكن أن يستفهم المخاطب عن ظن غيره ، فجعله سيبويه بمنزلة تشبيه أهل الحجاز" ما"" بليس" إذا لم يقع استثناء ولم يقدم الخبر ، فإذا وقع الاستثناء أو قدم الخبر رجع إلى القياس ، لأنها لم تقو أن تعمل مع التغيير عمل" ليس" كما لم يقو القول في غير استفهام المخاطب عمل الظن ؛ لأنه لم يكثر كثرته فيه فرجع إلى القياس.
قال : (ولم تجعل" قلت"" كظننت").
يعني : أن" قلت" في غير الاستفهام ، لم تجعل كظننت في نصب المفعولين بعدها ، لأن الأصل فيها أن يكون ما بعدها محكيا ، فلم تحمل على" ظننت" في مواضعها كلها ، كما أن" ما" لم تحمل على" ليس" في مواضعها كلها ، والأصل فيها أن يكون ما بعدها مبتدأ ، كما كان الأصل في" قلت" أن يكون ما بعدها مبتدأ.
قال : (وسأفسر لك ـ إن شاء الله ـ ما يكون بمنزلة الحرف في شيء ، ثم لا يكون معه على أكثر أحواله ، وقد بيّن بعضه فيما مضى).
يعني : أن الأشياء التي قد يشبّه بها الشيء في حال ، ويفارقه في أحوال كثيرة منها ما قد مضى في أول الكتاب ، نحو تشبيه الفعل بالاسم في حال ، وتشبيه" ما"" بليس" ، وغير ذلك.
ومنها ما يأتي من بعده ، ثم مثل الاستفهام في : تقول.
فقال : (وذلك نحو قولك : " متى تقول زيدا منطلقا" ، و" أتقول عمرا ذاهبا" ، و" أكلّ يوم تقول عمرا منطلقا" ، لا يفصل بها كما لم يفصل بها في : " أكلّ يوم زيدا تضربه").
يريد : " متى تظن زيدا" ، و" ألا تظن عمرا".
وقوله : (ولا يفصل بها).
يعني : أنك إذا قلت : " أكلّ يوم تقول عمرا منطلقا" فالاستفهام قد وقع على" تقول". فلذلك جعلته في مذهب" تظن" ، و" كل يوم" لم يفصل بها بين ألف الاستفهام وبين" تقول" ، كما لم يفصل في قولك : " أكلّ يوم زيدا تضربه" ، وكأنك قلت : " أزيدا