أولا ـ الإعراب بالمعنى المرادف للنحو.
يبدو أن كلمة (الإعراب) كان مستعملة بمعنى النحو اصطلاحا في القرن الثالث للهجرة (٥) ، لما وصلنا من قول الزجاج (ت ٣٣٧ ه) : «ويسمى النحو إعرابا ، والإعراب نحوا سماعا ، لأن الغرض طلب علم واحد» (٦). وهو ظاهر في أن استعمالها بهذا المعنى متقدم على زمن الزجاج.
وقد استدل بعض الباحثين (٧) بما روي من قول عمر بن الخطاب : : «وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب» (٨) ، لإثبات تقدم استعمال (الإعراب) بهذا المعنى الاصطلاحي على (النحو).
ولو صحت هذه الرواية ، فلا بد من حمل كلمة (الإعراب) فيها على معناها اللغوي ، للقطع بتأخر ظهور علم النحو عن زمن عمر بن الخطاب.
ومن المصادر القديمة التي وردت فيها كلمة (الإعراب) بمعنى (النحو) كتاب «ملحة الإعراب» للحريري صاحب المقامات (ت ٥٧٦ ه) ، واستعملها ابن معطي (ت ٦٢٨ ه) في كتابه «الفصول الخمسون» ، إذ قال : «إن غرض المبتدئ الراغب في علم الإعراب حصرته في خمسين فصلا» (٩).
__________________
(٥) وقد ذكرت ـ اشتباها ـ في بحث «النحو في اللغة والاصطلاح النحوي» المنشور في العدد السابق على هذا العدد ، أن أقدم مصدر وردت فيه كلمة (الإعراب) بمعنى النحو هو كتاب «سر صناعة الإعراب» لابن جني (٣٩٢ ه). هذا مع الإشارة إلى أن هذا الكتاب يبحث في علم الصرف ولا يتعرض للمباحث النحوية إلا قليلا.
(٦) الايضاح في علل النحو ، أبو القاسم الزجاجي ، تحقيق الدكتور مازن المبارك ، ص ٩١.
(٧) أ ـ المصطلح النحوي نشأته وتطوره حتى أواخر القرن الثالث الهجري ، عوض حمد القوزي ، ص ١٤.
ب ـ أبو الأسود الدؤلي ونشأة النحو العربي ، الدكتور فتحي عبد الفتاح الدجني ، ص ١٤.
(٨) إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ١ / ١٥.
(٩) الفصول الخمسون ، يحيى بن معطي ، تحقيق محمود محمد الطناحي ، ص ١٤٩.