وهاكها سيّارة أعنقت |
|
على جواد كان للبحتري |
طرف كريم سابق صافن |
|
مطهّم ذي أدب أوفر (١) |
ورثته منه ولكنما |
|
من شاعر وافى إلى أشعر |
ما للفتى الطائيّ شوط امرئ |
|
يصطاد نسر الجوّ بالمنسر |
واسلم لعبد لا يرى سيّدا |
|
سوى الذي في ثوبك الأطهر |
في كرم العنصر فردا غدا |
|
طبعك فاشكر كرم العنصر |
ما حنّ مشتاق أخو صبوة |
|
إلى خليل في الهوى مفكر |
انتهت.
فلما وصلني هذا الخطاب ، الذي ملأ من الفصاحة الوطاب (٢) ، وحلي (٣) في عيني وقلبي وطاب ، تحرّكت دواعي الوجد ، لذلك المجد ، الذي ولعت به ولوع ابن الدّمينة بصبا نجد ، وأثار من الهيام والأوار ، ما يزيد على ما حصل للفرزدق لمّا فارق النوّار ، وتضاعف الشوق إلى تلك الأنجاد والأغوار ، منشدا قول الأول «لعلّ أبي المغوار» وتذكرت والذكرى شجون وأطوار ، تلك الأضواء والأنوار ، المشرقة بقطر أزهر بالمحاسن ، وجرى نهره غير آسن ، فلم يذم فيه الجوار : [الطويل]
وإنّ اصطباري عن معاهد جلّق |
|
غريب فما أجفى الفراق وأجفاني |
سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها |
|
كحلت بها من شدة الشوق أجفاني |
وحصل التصميم ، على التكميل للتأليف والتتميم ، رعيا لهذا الوليّ الحميم ، أفاض الله تعالى عليه غيث البرّ العميم ، وأبقى ظلّ عزه ممدودا ، وحليّ (٤) سؤدده مودودا ، وأناله من الخيرات ما ليس محصورا ولا معدودا ، وجمعني وإياه ، وأطلع لي بشر محيّاه ، وأنشقني عرف اجتماعه وريّاه ، وكيف لا أستديم أمد بقياه ، وأعتقد البشائر في لقياه ، وأسقي غروس الودّ
__________________
(١) الطّرف ـ بكسر الطاء ـ الكريم من الخيل ، ويقال «فرس صافن» إذا قام على ثلاث قوائم وحافر الرابعة.
والجواد المطهم : المتناهي الحسن.
(٢) الوطاب : أصله وعاء اللبن ، وهنا الوعاء.
(٣) في ب : وحلا.
(٤) في ب : وخلّى.