والرضا من بعد عن أربعة |
|
هم بحقّ أمراء المؤمنين |
فيمينا إنّ من يهواهم |
|
ليكوننّ من اصحاب اليمين |
وسط جنّات تحيّيه بها |
|
آنسات قاصرات الطّرف عين (١) |
بقوارير لجين شربه |
|
وأباريق وكأس من معين (٢) |
والذي شرّفهم يمنحنا |
|
حبّهم والكون معهم أجمعين |
فدونك أيها الناظر في هذا الكتاب ، المتجافي عن مذهب النقد والعتاب ، كلمات سوانح ، اختلست مع اشتعال الجوانح ، وتضاد الأمور الموانع والموانح ، وألفاظا بوارح ، اقتنصت بين أشغال الجوارح ، وطرفا أسمت الطّرف في مرعاها وكانت هملا (٣) غير سوارح ، وتحفا يحصل بها لناظره الإمتاع ، ولا يعدّها من سقط المتاع المبتاع ، ويلهج بها المرتاح ، ويستأنس المستوحش المرتاع (٤).
وبعد أن خمّنت تمام هذا التصنيف ، وأمعنت النظر فيما يحصل به التّقريط لسامعه والتشنيف (٥) ، قسّمته قسمين ، وكلّ منهما مستقلّ بالمطلوب فيصحّ أن يسمّيا باسمين :
القسم الأول : فيما يتعلّق بالأندلس من الأخبار المترعة الأكواب والأنباء المنتحية صوب الصواب ، الرافلة من الإفادة في سوابغ الأثواب ، وفيه بحسب القصد والاقتصار ، وتحرّي التوسّط في بعض المواضع دون الاختصار ، ثمانية من الأبواب :
الباب الأول : في وصف جزيرة الأندلس وحسن هوائها ، واعتدال مزاجها ووفور خيرها وكمالها واستوائها ، واشتمالها على كثير من المنافع والمحاسن واحتوائها ، وكرم نباتها الذي سقته سماء البركات من جنباتها بنافع أنوائها ، وذكر بعض مآثرها المجلوّة الصّور ، وتعداد كثير مما لها من البلدان والكور ، المستمدّة من أضوائها.
الباب الثاني : في إلقاء بلد الأندلس للمسلمين بالقياد ، وفتحها على يد موسى بن
__________________
(١) الآنسات : جمع آنسة وهي الطيبة النفس ، وأصلها من الأنس ، وهو ضد الوحشة ، والطرف : العين. والعين : جمع عيناء وهي الواسعة العين.
(٢) أخذ هذا من عدة آيات منها قوله تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ).
(٣) هملا : متروكة بغير راع.
(٤) المرتاع : الخائف.
(٥) أصل التقريط : إلباس القرط ، والتشنيف : إلباس الشنف ، وهما حليان للأذن.