وقال جماعة : إن القوط غير البشتولقات ، وإن البشتولقات من عجم رومة ، وإنهم جعلوا دار ملكهم ماردة ، واتّصل ملكهم إلى أن ملك منهم سبعة وعشرون ملكا ، ثم دخل عليهم القوط ، واتّخذوا طليطلة دار مملكة ، ثم ذكر تنصّر ملكهم خشندش مثل ما تقدّم ، ثم ذكر أن عدّة ملوك القوط ستة وثلاثون ملكا.
وذكر الرازي أن القوط من ولد يأجوج بن يافث بن نوح ، وقيل غير ذلك ، انتهى.
وذكر (١) الرازي في موضع آخر نحو ما تقدّم وزيادة ، ونصّه : أن الأندلس في آخر الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة التي تقدّم ذكرها (٢) التي هي ربع معمور الدنيا فهي موسطة من البلدان ، كريمة البقعة ، بطبع الخلقة ، طيبة التربة ، مخصبة القاعة (٣) ، منبجسة العيون الثّرار منفجرة الأنهار الغزار ، قليلة الهوامّ ذوات السموم ، معتدلة الهواء أكثر الأزمان لا يزيد قيظها زيادة منكرة تضرّ بالأبدان وكذا سائر فصولها في أعمّ سنيها تأتي على قدر من الاعتدال ، وتوسّط من الحال ، وفواكهها تتصل طول الزمان ، فلا تكاد تعدم لأن الساحل ونواحيه يبادر بباكوره ، كما أن الثغر وجهاته والجبال التي يخصّها برد الهواء وكثافة الجوّ تستأخر بما فيها من ذلك ، حتى يكاد طرفا فاكهتها يلتقيان ، فمادّة الخيرات فيها متّصلة كلّ أوان. ومن بحرها بجهة الغرب يخرج العنبر الجيد المقدّم على أجناسه في الطّيب والصبر على النار ، وبها شجر المحلب المعدود في الأفاويه المقدّم في أنواع الأشنان كثير واسع ، وقد زعموا أنه لا يكون إلّا بالهند وبها فقط ، ولها خواصّ نباتية يكثر تعدادها. انتهى.
وقد ذكر غيره تفصيل بعض ذلك فقال : يوجد في ناحية دلاية من إقليم البشرّة (٤) عود الألنجوج (٥) ، لا يفوقه العود الهندي ذكاء وعطر رائحة ، وقد سيق منه إلى خيران الصقلبي صاحب المرية (٦) ، وأنّ أصل منبته كان بين أحجار هنالك. وبأكشونبة جبل كثيرا ما يتضوّع ، ريحه ريح العود الذكي إذا أرسلت فيه النار ، وببحر شذونة يوجد العنبر الطيب الغربي ، وفي
__________________
(١) في ب : وقال
(٢) في ب سقطت الجملة «التي تقدّم ذكرها».
(٣) القاعة : أراد السهل.
(٤) دلاية : من عمل المرية ، والبشرة منطقة جبال سير انفادا.
(٥) الألنجوج : عود يتبخر به.
(٦) خيران الصقلبي : من أوائل الفتيان الذين أعلنوا استقلالهم بعد انهيار الدولة الأموية بالأندلس على أثر فتنة البربر سنة ٣٩٩.