أزكى توتيا وأقواها في صبغ النحاس ، وبجبال قرطبة توتيا ، وليست كالبطرنية. ومعدن الكحل المشبّه بالأصفهاني بناحية مدينة طرطوشة يحمل منها إلى جميع البلاد. ومعادن الشبوب والحديد والنحاس بالأندلس أكثر من أن تحصى. وما ذكرت هنا وإن تكرّر بعضه مع ما سبق أو يأتي فهو لجمع النظائر ، وما لم نذكره أكثر ، والله تعالى أعلم.
ومن خواص طليطلة أنّ حنطتها لا تتغيّر ولا تسوّس (١) على طول السنين ، يتوارثها الخلف عن السلف ، وزعفران طليطلة هو الذي يعمّ البلاد ويتجهّز به الرفاق إلى الآفاق ، وكذلك الصبغ السماوي ، انتهى.
وقال المسعودي في «مروج الذهب» بعد كلام ما نصّه : والعنبر كثير ببحر الأندلس ، يجهّز إلى مصر وغيرها ، ويحمل إلى قرطبة من ساحل لها يقال له شنترين وشذونة ، تبلغ الأوقية منه بالأندلس ثلاثة مثاقيل ذهبا ، والأوقية بالبغدادي ، وتباع بمصر أوقيته بعشرين دينارا (٢) ، وهو عنبر جيّد ، ويمكن أن يكون هذا العنبر الواقع إلى بحر الروم ضربته الأمواج من بحر الأندلس إلى هذا البحر لاتصال الماء. وبالأندلس معدن عظيم للفضة ، ومعدن للزئبق ليس بالجيد يجهّز إلى سائر بلاد الإسلام والكفر ، وكذلك يحمل من بلاد الأندلس الزعفران وعروق الزنجبيل. وأصول الطّيب خمسة أصناف : المسك ، والكافور ، والعود ، والعنبر ، والزعفران ، وكلها تحمل من أرض الهند وما اتصل بها إلّا الزعفران والعنبر. انتهى. وهو وإن تكرّر مع ما ذكرته عن غيره فلا يخلو من فائدة ، والله تعالى أعلم.
وذكر البعض أن في (٣) بلاد الأندلس جميع المعادن الكائنات عن النيرات السبعة وهي : الرصاص من زحل ، والقصدير الأبيض من المشتري ، والحديد من قسم المريخ ، والذهب من قسم الشمس ، والنحاس من الزهرة ، والزئبق من عطارد ، والفضّة من القمر.
وذكر الكاتب إبراهيم بن القاسم القروي المعروف بالرقيق بلد الأندلس ، فقال : أهله أصحاب جهاد متّصل يحاربون من أهل الشّرك المحيطين بهم أمّة يدعون الجلالقة ، يتاخمون حوزهم ما بين غرب إلى شرق ، قوم لهم شدّة ولهم جمال وحسن وجوه ، فأكثر رقيقهم الموصوفين بالجمال والفراهة منهم ليس بينهم وبينهم درب ، فالحرب متّصلة بينهم ، ما لم تقع هدنة ، ويحاربون بالأفق الشرقي أمّة يقال لهم الفرنجة هم أشدّ عليهم من جميع من يحاربونه
__________________
(١) في ب تتسوّس.
(٢) في ب : بعشرة دنانير.
(٣) في ب : في بعض بلاد الأندلس.